تغريد سعادة
في الوقت الذي تستعر فيه المواجهة بين إسرائيل وإيران عسكريا، تبرز اسم دولة صغيرة على الخارطة، كان لها دورا بارزا في انجاح العملية العسكرية الاسرائيلية داخل ايران، والتي سميت بـ “الأسد الصاعد”، ونتج عنها الإعلان عن مقتل عدد من أهم القيادات في الجيش الإيراني وبرنامج طهران النووي.
وهذه الدولة هي أذربيجان، الدولة الجارة لإيران من الشمال، والتي أصبحت، وفق تقارير صحفية غربية، البوابة الخلفية للموساد لتنفيذ عملياته داخل إيران.
العلاقة بين تل أبيب وباكو ترجع لسنوات، حيث استطاعا بناء تحالف أمني وعسكري قوي بعيدا عن الأضواء. وتوج هذا التحاف في مارس 2023، حيث افتتحت أذربيجان رسميا سفارتها في تل أبيب، لتصبح أول دولة ذات أكثرية شيعية تقدم على هذه الخطوة.
تقارير استخباراتية غربية تحدثت عن استخدام إسرائيل أراضي أذربيجان كمنصة لوجستية في عمليات معقدة داخل إيران، من أبرزها العملية التي نفذتها بالامس، واستطاعت اغتيال عدد من العلماء النوويين منهم محسن فخري زاده. بالاضافة الى اللواء حسين سلامي، رئيس الحرس الثوري الإيراني، واللواء محمد باقري رئيس أركان القوات المسلحة الإيرانية، وعلي شمخاني أحد المساعدين المقربين للمرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، وعلي حاجي زاده قائد القوات الجوية في الحرس الثوري الإيراني.
كما تشير تقارير الى ان هذا التعاون القوي ايضا، انجح اختراق المنشآت النووية وسرقة الأرشيف الايراني السري عام 2018، حيث يعتقد أن الفريق الإسرائيلي هرب نحو الشمال عبر الحدود الأذرية.
وتتحدث تقارير عن تشغيل طائرات بدون طيار لجمع معلومات أو تنفيذ ضربات خاطفة داخل العمق الإيراني.
كل ذلك يتم في منطقة جبلية حدودية، حيث السيطرة الإيرانية ضعيفة، وحيث يعمل الموساد من خلف الستار، في بيئة وفرتها له أذربيجان.
إيران، بطبيعة الحال، ترى في هذا التحالف تهديد وجودي لها. فهي لا تواجه فقط اختراقا أمنيا من الشمال، بل ترى أن هذا التعاون قد يشجع النزعات القومية لدى الأقلية الأذرية داخل إيران، والتي يبلغ عددها نحو 20 مليون نسمة.
هناك تقارير تفيد بأن الموساد يستخدم جوازات سفر أذرية مزيفة أو حتى غطاء لشركات أذرية وهمية داخل إيران.
كما تعتبر إسرائيل من أكبر موردي الأسلحة لأذربيجان بالاضافة الى التكنولوجيا المتقدمة، والأمن السيبراني، والمعدات الطبية. في المقابل أذربيجان تصدر حوالي 40% من احتياجات إسرائيل من النفط عبر خط أنابيب باكو–تبليسي–جيهان.
ويمكن القول إن أذربيجان أصبحت بوابة خلفية حيوية للموساد داخل إيران، وهذه العلاقة غيرت من طبيعة التوازن الأمني في المنطقة. وبالنسبة لطهران، فإن وجود إسرائيل عند حدودها الشمالية يعد تهديد استراتيجي حقيقي، والذي انعكس من التصعيد المتكرر بين إيران وأذربيجان.
