تغريد سعادة
يجتمع قادة العالم الأسبوع المقبل في نيويورك لحضور اجتماعات الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة، والتي ستستمر لعدة أيام، وتشمل كلمات نحو 150 رئيس دولة أو حكومة، بالإضافة إلى عشرات الوزراء وكبار المسؤولين. وفي هذا الإطار، من المقرر أن تطرح مبادرة تقودها فرنسا والسعودية، وتدعمها دول غربية كبرى مثل بريطانيا وكندا وأستراليا، إلى جانب دول أوروبية وعربية أخرى، للاعتراف الرسمي بدولة فلسطين.
واعتمدت الجمعية العامة قبل عشرة أيام من القمة المرتقبة، التي ستترأسها باريس والرياض في 22 سبتمبر/أيلول، النص المعروف باسم “إعلان نيويورك”، الذي أقرته الجمعية بأغلبية ساحقة. يحدد الإعلان خطوات ملموسة ومحددة زمنيا ولا رجعة فيها نحو تحقيق حل الدولتين بين إسرائيل وفلسطين، ويعكس التزام المجتمع الدولي بتحريك العملية السلمية وتقديم دعم ملموس للقضية الفلسطينية.
في هذه القمة ستكون المرة الأولى التي يجري فيها اعتراف جماعي بدولة فلسطين في إطار الجمعية العامة نفسها، من دول غربية كبرى كانت تعد تقليديا حليفة لإسرائيل. ومن المتوقع أن يصل عدد الدول التي ستعترف بفلسطين إلى أكثر من 150 من أصل 193 دولة عضو، وهو ما يعزز المطالبة بعضوية كاملة في الأمم المتحدة، ويضع ضغوطا مباشرة على مجلس الأمن، خصوصا الولايات المتحدة التي كانت تستخدم الفيتو لمنع ذلك.
ويأتي هذا الاعتراف بعد خطوات سابقة في عام 2024، حين أعلنت إسبانيا والنرويج وإيرلندا اعترافها بدولة فلسطين في 28 مايو، تلتها سلوفينيا في 5 يونيو، ليصل العدد الإجمالي للدول التي اعترفت بفلسطين إلى 148 دولة من أصل 193. هذا التحرك الجماعي يعكس تحولا في المواقف الغربية ويمنح فلسطين دعما سياسيا لم تحظ به من قبل.
ويشكل إعلان عدد من الدول، بينها بريطانيا وفرنسا وكندا وأستراليا، عن نيتها الاعتراف بدولة فلسطين خلال اجتماعات الجمعية العامة، حدثا سياسيا وتاريخيا بارزا. فهو يتجاوز الرمزية إلى ترسيخ واقع جديد في السياسة الدولية، ويعزز الشرعية الدولية للحق الفلسطيني في تقرير المصير، ويضيف وزنا قانونيا وسياسيا إلى مطلب طال انتظاره منذ إعلان الاستقلال الفلسطيني عام 1988.
كما يضع هذا الاعتراف ضغوطا مضاعفة على إسرائيل للانخراط في عملية تفاوضية جادة، ويقوي الموقف الفلسطيني في المحافل الدولية، بما في ذلك متابعة قضايا العدالة والمساءلة القانونية. إضافة إلى ذلك، يمثل رسالة تضامن إنسانية مع الشعب الفلسطيني في ظل المجازر والمجاعة في غزة، وتوسع الاستيطان في الضفة الغربية.
إن اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة الأسبوع المقبل يشكل حدثا تاريخيا على الصعيد الدولي، إذ يجمع بين الاعتراف السياسي الكبير بدولة فلسطين، ودعم حل الدولتين، وإعادة القضية الفلسطينية إلى صدارة الاهتمام العالمي، بما يضع الأسس لمرحلة جديدة قد تشمل إنهاء الحرب في غزة، وانسحاب جيش الاحتلال، وعودة السلطة الفلسطينية لإدارتها بشكل كامل.
