جوهانسبرغ – زيتون نيوز
أكد أمين سر اللجنة المركزية لحركة “فتح” الفريق جبريل الرجوب، أن النضال الفلسطيني من أجل التحرر يمثل اليوم اختبارا أخلاقيا للعالم، مشددًا على أن “الحرية لفلسطين لم تعد قضية فلسطينية فحسب، بل مسؤولية إنسانية عالمية”.
وقال الرجوب خلال كلمته في قمة حركات التحرر 2025 التي عُقدت في مدينة جوهانسبرغ بجنوب إفريقيا: “لقد جئنا من فلسطين، حيث تتواصل فصول مأساة الإبادة الجماعية، إلى وطننا الثاني، جنوب إفريقيا، لنتقاسم الصمود والأمل، والتصميم على الخلاص من الاستعمار”.
وأشاد بموقف جنوب إفريقيا القيادي على المستوى الدولي، خاصة في رفع دعوى قضائية ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب جرائم إبادة جماعية، وما تلاه من تحرك على مستوى المحكمة الجنائية الدولية.
وأوضح أن هذا التحرك الجريء ساهم في كسر الصمت الدولي ودفع العديد من دول الجنوب العالمي، بل بعض الدول الأوروبية، نحو مواقف أكثر وضوحًا تجاه القضية الفلسطينية.
وأشار إلى أن المرحلة الحالية تشهد تحولا نوعيا في المواقف، إذ بدأت دول مثل النرويج، وإسبانيا، وسلوفينيا، وإيرلندا، وأرمينيا، والمكسيك وغيرها بالاعتراف رسميا بدولة فلسطين، فيما أعلنت فرنسا نيتها القيام بذلك قريبا، وبدأت بريطانيا بمناقشة الاعتراف. معتبرا أن القوى الاستعمارية في العالم لم تعد قادرة على تجاهل الحقيقة أو مواصلة الصمت، قائلا: “هذه لحظتنا التاريخية… وهذا ما نُسميه اليوم “أفْرَقَة النضال الفلسطيني”.
وتطرق أمين سر اللجنة المركزية إلى ذكرى مرور 60 عاما على الاجتماع التاريخي في الجزائر عام 1965، الذي جمع حركة “فتح” بالمؤتمر الوطني الإفريقي تحت رعاية جبهة التحرير الجزائرية، حيث شارك فيه الشهيد الراحل خليل الوزير “أبو جهاد”، والرفيق أوليفر تامبو. مؤكدا أن العلاقات بين حركات التحرر لم تكن مجرد صداقات سياسية، بل كانت تجسيدا لوحدة قضايا تحررية متكاملة.
وذكّر بأن نضال الشعب الفلسطيني لا يقتصر على قطاع غزة، بل يمتد إلى الضفة الغربية والقدس، حيث تتسارع عمليات التهجير القسري، والاستيطان، و”أسرلة” المدينة المقدسة. وأوضح أن أكثر من خمسين ألف فلسطيني تم تهجيرهم قسرا، وأن الاحتلال الإسرائيلي ماضٍ في خطوات الضم، إذ أقرّت الكنيست قرارًا بهذا المعنى.
واستعرض واقع الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، البالغ عددهم نحو عشرة آلاف، معظمهم دون تهمة أو محاكمة، ويتعرضون للتعذيب وسوء المعاملة، مشيرا إلى أن من عايش نظام الفصل العنصري يفهم تمامًا ما تعنيه سياسات الاعتقال الإداري.
وشدد الفريق الرجوب على أن استخدام الغذاء سلاحا في غزة يشكل جريمة حرب موثقة، وأضاف: “الإسرائيليون يُجوّعون الناس حتى الموت، لا تخشوا قول ذلك”. كما أشار إلى أن نحو سبعة ملايين لاجئ فلسطيني لا يزالون محرومين من حقهم في العودة، وهو حق مقدس لا يمكن التنازل عنه.
وثمّن مخرجات اجتماع “مجموعة لاهاي” الذي عُقد في كولومبيا، والذي طالب بفرض عقوبات على إسرائيل، وحظر تصدير السلاح إليها، وملاحقة المسؤولين عن الجرائم المرتكبة بحق المدنيين الفلسطينيين.
وقال: “هذا أقل ما يمكن أن تفعله الدول لحماية المبادئ التي أُنشئت الأمم المتحدة على أساسها”، مضيفًا: “لا مزيد من السلاح للمجرمين. لا مزيد من الإفلات من العقاب. لا مزيد من الصمت”.
وشدد على أن فلسطين ستتحرر، وحركة “فتح” تحت راية منظمة التحرير الفلسطينية، ستواصل النضال حتى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس، مؤكدا أن الكفاح الجماهيري والمقاومة الشعبية والدبلوماسية هي ركائز المعركة.
يشار إلى أن حركة “فتح” تشارك في قمة حركات التحرر 2025 في جنوب إفريقيا بوفد يرأسه أمين سر اللجنة المركزية لحركة “فتح” الفريق جبريل الرجوب، ويضم كلا من: عضو اللجنة المركزية للحركة الأسير المحرر كريم يونس، ورئيس جهاز الإحصاء المركزي علا عوض، وسفير فلسطين السابق لدى جنوب إفريقيا سلمان الهرفي.
وكان وفد حركة فتح التقى رئيسة جمهورية ناميبيا، نيتومبو ناندي ندايتواه حيث سلمها رسالة من الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
ووضع الرجوب خلال اللقاء ندايتواه في صورة ما تشهده الأراضي الفلسطينية من تصاعد في حرب الإبادة الجماعية بحق أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة على مدار 21 شهراً وما يشهده القطاع من تجويع متعمد من قبل الاحتلال الإسرائيلي ومنع إدخال المساعدات، إضافة لتصاعد وتيرة القتل والاعتقال وهدم المنازل والتوسع الاستيطاني وتصاعد إرهاب المستوطنين في الضفة الغربية والقدس.
وطالب الرجوب بضرورة التحرك الدولي من كافة الدول والأطراف للضغط على دولة الاحتلال للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وإنهاء معاناة شعبنا.
وسلم الرجوب خلال اللقاء الرئيسة ندايتواه رسالة من الرئيس عباس، أكد فيها تطلع دولة فلسطين لتعزيز التعاون مع جمهورية ناميبيا، ومستعرضاً خلالها جهود دولة فلسطين المتواصلة لتحقيق وقف إطلاق النار وإنهاء الحرب وصولا لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية وفق ما أقرته قرارات الشرعية الدولية.
بدورها أكدت ندايتواه موقف بلادها الداعم لحقوق الشعب الفلسطيني بإقامة دولته المستقلة بالاستناد إلى حل الدولتين وفقاً لما أقرته كافة الهيئات والمؤسسات الدولية، إضافة لتأكيدها على ضرورة التوصل الفوري لاتفاق يفضي لإنهاء الحرب وإدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.
كما التقى الوفد الفلسطيني بوفد ليو جيانتشاو، وزير إدارة الشؤون الدولية في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني.
وتم خلال اللقاء التأكيد على تعزيز العلاقات الثنائية بين فلسطين والصين، مع التركيز على القضايا الإنسانية والسياسية الراهنة. وأعرب الجانبان عن القلق العميق إزاء الحرب المستمرة ضد الفلسطينيين في غزة، مؤكدين على ضرورة وقف إطلاق النار فورًا وفتح ممرات إنسانية عاجلة لتخفيف المعاناة الإنسانية المتفاقمة.
وجدد الاجتماع التأكيد على أهمية الوحدة الوطنية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني في دولة مستقلة ذات سيادة، على أسس القانون الدولي والشرعية الدولية، ضمن إطار حل الدولتين.
وفي لقاء منفصل، التقى الوفد ممثلي حزب جبهة التحرير الوطني الجزائرية المشاركين في القمة، حيث تم وضعهم في صورة آخر المستجدات السياسية على الساحة الفلسطينية وما يعانيه أبناء الشعب الفلسطيني بسبب الة الحرب الإسرائيلية في كافة المناطق.
