سجل في القائمة البريدية

Edit Template

السلطة الفلسطينية في غزة ضرورة وطنية لا خيار سياسي

تغريد سعادة

تستمر حركة حماس في المناورة السياسية وكأنها تمسك بمفاتيح القضية الفلسطينية وحدها، لكنها في الواقع لا تفعل سوى إحكام قبضتها على غزة وقطع الطريق أمام أي أفق لوحدة فلسطينية حقيقية. فكل المؤشرات تدل على أن الحركة ماضية في تكريس سلطة الأمر الواقع، غير آبهة بالثمن الذي يدفعه الشعب الفلسطيني في القطاع المدمر والهالك.

في العرف السياسي، من الطبيعي أن يناور الاحتلال الإسرائيلي ليفرض واقعا يمنع السلطة الفلسطينية من بسط سيادتها، لكن المدهش أن تقوم فصائل فلسطينية بالدور نفسه. السلطة، رغم كل ما يقال عنها، ما تزال تملك غطاء عربيا وإسلاميا ودوليا يمنحها شرعية التمثيل السياسي. وحتى خلال مؤتمر شرم الشيخ، حينما خاطب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الرئيس الفلسطيني محمود عباس قائلا: “أنت صوت فلسطين”، كان ذلك إقرارا أمريكيا مباشرا بشرعية السلطة رغم الخلافات العالقة بينهما.

اللافت اليوم ما تروجه حماس حول ما يعرف بـ اللجنة الاستشارية التي يفترض أن تشرف على إدارة القطاع. ففي الوقت الذي اتفقت فيه مع حركة فتح برعاية مصرية على أن تكون مرجعيتها السلطة الفلسطينية، تراجعت لاحقا لتلغي أي صفة رسمية للسلطة داخل هذه اللجنة. بل ذهبت أبعد من ذلك حين حاولت تحميل فتح مسؤولية فشل الاجتماع معها، بعد أن دعت الفصائل للحوار حول تشكيل اللجنة. هذه ليست المرة الأولى التي تستخدم فيها حماس الأسلوب ذاته، افتعال الخلاف ثم تقديم نفسها إعلاميا كطرف حريص على الوحدة، فيما تتهم فتح بالتعطيل والرفض.

في هذا المشهد المعقد، تبدو الحاجة إلى عودة السلطة الفلسطينية إلى غزة ضرورة وطنية وليست خيارا سياسيا. فغيابها يكرس الانقسام ويفتح الباب أمام مشاريع دولية مشبوهة تسعى لتصفية القضية الفلسطينية، بينما تستغل حماس شعار “المقاومة” لتبرير بقائها في الحكم.

إن أخطر ما في هذا الواقع هو تحول بعض القوى الفلسطينية إلى تبني مواقف قريبة من حماس، تحت شعار الوحدة والمقاومة، في حين أن هذه المواقف كثيرا ما تخفي حسابات شخصية أو مصالح سياسية مستقبلية أكثر من كونها مواقف وطنية صادقة.

على الفلسطيني أن يفكر بعمق ويتحرر من أسر الشعارات. فكلمة “المقاومة” لم تعد كافية لتبرير كل شيء، لا سيما حين تتحول إلى غطاء لإدامة الحكم والانقسام. فالمقاومة التي لم تحرر أرضا بل أعادت احتلال غزة فعليا، واستشهد بسببها آلاف الفلسطينيين في حروب متتالية ولم تحقق أي إنجاز وطني حقيقي، لا يمكن أن تبقى شعارا مقدسا.

وبينما تستمر حماس في التحايل والمناورة، تبقى غزة تدفع الثمن من دمها وكرامتها ومستقبلها، في انتظار لحظة يعلو فيها صوت الوطن على صوت الفصيل الذي استأثر بالقطاع عقدين كاملين، ويبدو أنه لا يزال يرى أن ذلك غير كاف.

Post Views30 Total Count

تصفح المواضيع

اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Ethical Dimensions in the Digital Age

The Internet is becoming the town square for the global village of tomorrow.

الأكثر قراءة

هاشتاغ

عن زيتون نيوز

زيتون نيوز موقع اعلامي صادر عن مركز رام للدراسات العربية. مختص بالشؤون العربية في كندا، بالاضافة الى الاهتمام بأهم القضايا في الوطن العربي. وهو موقع مهني تشرف عليه الصحفية تغريد سعادة التي تعمل في الصحافة لما يزيد عن عقدين من الزمان.
يقع المكتب الرئيسي في مدينة ادمنتون / ألبرتا. ويعمل على تقديم تغطية شاملة، لكافة الأحداث السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية للعرب في كندا. 

آخر الأخبار

  • All Posts
  • About Us
  • English News
  • أخبار
  • تحقيقات
  • ثقافة
  • شؤون الجالية
  • شؤون عربية
  • لقاءات
  • مقالات
  • منوعات
    •   Back
    • About us
    •   Back
    • Art and Cinema
    • Interviews

أقسام

 Zaytoun News © 2024

error: Content is protected !!