سجل في القائمة البريدية

Edit Template

السلطة الفلسطينية ومعركة وقف الاستيطان: بين القرارات الدولية وأدوات المواجهة الدبلوماسية

تغريد سعادة

منذ انطلاق الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية عقب احتلالها عام 1967، شكل هذا الملف أحد أخطر التحديات أمام المشروع الوطني الفلسطيني. ورغم وضوح الموقف القانوني الدولي باعتبار المستوطنات غير شرعية وتعتبر انتهاكا صارخا للقانون الدولي، ما زال التوسع الاستيطاني مستمرا بوتيرة متصاعدة. وفي قلب هذا الصراع، عملت السلطة الفلسطينية ودولة فلسطين على مدار عقود لحشد الدعم الدولي واستصدار قرارات أممية تدين الاستيطان وتطالب بوقفه.

وفي خطوة خطيرة، أعلن اليوم وزير المالية في حكومة الاحتلال المتطرف، بتسلئيل سموتريتش، موافقته على بناء آلاف الوحدات الاستعمارية ضمن المخطط الاستيطاني في المنطقة E1، الواقعة شرق القدس. هذا المشروع يهدد بشكل مباشر وحدة الأرض الفلسطينية، ويقوض فرصة قيام دولة فلسطينية متواصلة جغرافيا، إذ يؤدي إلى تقسيم الضفة الغربية إلى مناطق معزولة.

وبحسب هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، فإن حكومة الاحتلال صادقت على المخطط رقم (4/420) عام 1999، على مساحة تقارب 12,000 دونم، أعلن معظمها “أراضي دولة”، وضمت لاحقا إلى مستعمرة “معاليه أدوميم”. إحياء هذا المشروع اليوم يمثل تحديا صارخا للمجتمع الدولي وقراراته، وخاصة القرار 2334، ويكشف محدودية قدرة هذه القرارات على ردع إسرائيل.

منذ تأسيس السلطة الفلسطينية، اعتمدت إستراتيجيتها في مواجهة الاستيطان على ثلاثة مسارات أساسية، الحشد الدبلوماسي، والتراكم القانوني الدولي، وتفعيل المساءلة الدولية.

في مجلس الأمن، لعبت الدبلوماسية الفلسطينية دورا محوريا في تمرير القرار 2334 عام 2016، بعد حملة اتصالات مكثفة مع الدول الأعضاء وضغط سياسي على الولايات المتحدة لعدم استخدام الفيتو، ما أسفر عن امتناعها عن التصويت.

وفي الجمعية العامة، نجحت فلسطين في 2012 في الحصول على صفة “دولة مراقب غير عضو” بقرار 67/19، وهو ما مكنها من الانضمام للاتفاقيات الدولية، وفي مقدمتها نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.

أمام المحكمة الجنائية الدولية (ICC)، قدمت دولة فلسطين عام 2018 إحالة رسمية للتحقيق في جرائم الحرب الإسرائيلية، بما يشمل جريمة الاستيطان باعتبارها نقلا قسريا للسكان وفق القانون الدولي. وفي آذار/مارس 2021 أعلنت المحكمة فتح تحقيق رسمي في “الوضع في فلسطين”.

و أمام محكمة العدل الدولية، قادت فلسطين الجهود التي أفضت إلى صدور قرار الجمعية العامة 77/247 في 2022، والذي طلب رأيا استشاريا من المحكمة بشأن الآثار القانونية للاحتلال، وهو ما نتج عنه رأي المحكمة في يوليو 2024، حيث أصدرت المحكمة رأيا جديدا أكثر وضوحا، طالبت فيه بإنهاء الاحتلال والاستيطان “في أقرب وقت ممكن”، مؤكدة عدم قانونيتهما، وملزمة الدول بعدم تقديم أي دعم أو مساعدة لهما.

وعلى صعيد المسار الحقوقي والاقتصادي، دعمت السلطة الفلسطينية قرارات مجلس حقوق الإنسان التي أنشأت قاعدة بيانات بأسماء الشركات العاملة في المستوطنات، بهدف الضغط الاقتصادي على منظومة الاستيطان، كما عملت مع الاتحاد الأوروبي لتعزيز سياسات وسم منتجات المستوطنات.

تكشف العودة الإسرائيلية إلى تفعيل مشروع E1 بعد أكثر من عقدين على طرحه عن فجوة خطيرة بين الإطار القانوني الدولي والواقع على الأرض. فعلى الرغم من وضوح القرارات الدولية، فإن غياب آليات إلزامية لتنفيذها، وتواطؤ بعض القوى الكبرى أو صمتها، يسمحان لإسرائيل بمواصلة التوسع الاستيطاني بلا كلفة حقيقية. وفي المقابل، تواصل السلطة الفلسطينية تراكم الأدوات القانونية والسياسية أملا في أن يشكل هذا التراكم رصيدا حاسما عند أي انفراج سياسي أو تغيير في موازين القوى الدولية.

Post Views92 Total Count

تصفح المواضيع

اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Ethical Dimensions in the Digital Age

The Internet is becoming the town square for the global village of tomorrow.

الأكثر قراءة

هاشتاغ

عن زيتون نيوز

زيتون نيوز موقع اعلامي صادر عن مركز رام للدراسات العربية. مختص بالشؤون العربية في كندا، بالاضافة الى الاهتمام بأهم القضايا في الوطن العربي. وهو موقع مهني تشرف عليه الصحفية تغريد سعادة التي تعمل في الصحافة لما يزيد عن عقدين من الزمان.
يقع المكتب الرئيسي في مدينة ادمنتون / ألبرتا. ويعمل على تقديم تغطية شاملة، لكافة الأحداث السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية للعرب في كندا. 

آخر الأخبار

  • All Posts
  • About Us
  • English News
  • أخبار
  • تحقيقات
  • ثقافة
  • شؤون الجالية
  • شؤون عربية
  • لقاءات
  • مقالات
  • منوعات
    •   Back
    • About us
    •   Back
    • Art and Cinema
    • Interviews

أقسام

 Zaytoun News © 2024

error: Content is protected !!