سجل في القائمة البريدية

Edit Template

الطريق إلى الوحدة الفلسطينية يمر عبر الانتخابات لا المصالحة

تغريد سعادة

الخلاف بين القوى السياسية أمر طبيعي في كل دول العالم. لا توجد دولة تتفق فيها الأحزاب على كل شيء، ولا توجد حركة وطنية بلا تنافس أو صراع سياسي. هذا هو منطق السياسة، وليس منطق “المصالحة الشاملة” الذي استهلك في الحالة الفلسطينية على مدى عشرين عاما دون نتيجة.

لكن في الحالة الفلسطينية، تحول الخلاف السياسي إلى صراع وجودي، ثم إلى انقسام جغرافي ومؤسساتي، والسبب أن جزء من المشهد السياسي، وتحديدا حركة حماس، تعاملت مع السلطة باعتبارها غنيمة تنتزع بالقوة وتحمى بالقوة.

نشأ الخلاف بين فتح وحماس حول المشروع الوطني، وهو خلاف مشروع وطبيعي. لكن ما حدث لاحقا لم يكن مجرد اختلاف رؤى، بل كان انقلابا عسكريا من قبل حرمة حماس، وسيطرة بالقوة، وقتلا لعناصر من فتح، وتثبيت حكم جديد خارج الإطار الوطني الذي توافق عليه الفلسطينيون منذ عقود.

ومنذ ذلك اليوم، دخلنا عشرين عاما من لجان الحوار، ووثائق المصالحة، واتفاقات توقع في الليل وتنهار في الصباح. والسبب بسيط، المصالحة ليست هدفا بقدر ما هي وسيلة لإعادة تقاسم النفوذ، أو تحسين شروط البقاء في السلطة.

اليوم، وبعد سنوات من الانقسام والحروب المتكررة على غزة، نجد أن حماس تقدم تنازلات سياسية مختلفة من أجل الاحتفاظ بالسلطة، رغم الخطاب الثوري الذي ترفعه. ظهر ذلك بوضوح في اللحظة التي أعلنت فيها وقف إطلاق النار و بدأت عناصرها بالانتشار في شوارع غزة من جديد دون خوف وهي تنفذ الاعدامات لخصومها، بما عكس تفاهمات مع الاحتلال وامريكا لم يعلن عنها. ولكن ما يصدر عن بعض قيادات حركة حماس ومحلليها بين الحين والاخر نفهم في سياقها ذلك.

هذا السلوك يكشف أن المشكلة ليست “خلاف سياسي” بين حماس وفتح، بل صراع بين مشروعين. مشروع وطني يقوم على منظمة التحرير والقرار الجماعي، ومشروع حزبي يستند إلى شبكة إقليمية وأيديولوجية تتجاوز حدود فلسطين، وهي الاخوان المسلمين. وفي ظل هذا التعارض، يصبح الحديث عن “مصالحة كاملة” نوعا من الوهم السياسي.

في كل أنظمة العالم، الخلاف يحسم عبر الانتخابات، وليس عبر لجان مصالحة. التوافق الكامل بين الأحزاب لا يحدث في أي دولة، فلماذا يصبح شرطا فلسطينيا؟ والانتخابات وجدت كي تجيب عن سؤال بسيط من يحكم؟ ومن يمنحه الشعب الشرعية؟

الذهاب إلى انتخابات شاملة، رئاسية وتشريعية ومجلس وطني، هو الطريق الوحيد لاستعادة الوحدة السياسية. أما الإصرار على المصالحة الشكلية والحوار العبثي، فهو استنزاف للطاقات وإضاعة للوقت، يدفع ثمنه الشعب وحده.

حماس وفتح ليستا مطالبتين بالتوافق الكامل، بل باحترام النتائج حين يتحدث الشعب.

النقطة الأهم اليوم هي أن حركة حماس تسعى إلى مصالحة سياسية وهي تعلم أن صورتها لدى الجمهور ما زالت مرتبطة بـ”المقاومة”، لكنها لم تصارح هذا الجمهور بالتحولات العميقة في سلوكها السياسي، ولا بالتفاهمات التي عقدتها مع أطراف إقليمية ودولية، بما في ذلك اتصالاتها المباشرة مع الأميركيين.

لذلك تبدو حماس، ظاهريا، في موقع الرافض للقانون الجديد الذي أصدره الرئيس محمود عباس، والذي ينص على أن الالتزام ببرنامج منظمة التحرير الفلسطينية والشرعية الدولية هو شرط أساسي للمشاركة في الانتخابات التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني. هذا القانون يضع حماس أمام استحقاق واضح، إما أن تعلن التزامها العلني بالبرنامج الوطني كما هو، أو أن ترفض وتستبعد نفسها من الانتخابات.

لكن المفارقة أن ما تهاجمه حماس في العلن هو ذاته ما تتحرك باتجاهه في الكواليس، فهي تروج داخليا لخطاب “الاستعداد للمشاركة السياسية” دون أن تصارح جمهورها بأن أي مشاركة حقيقية ستتطلب منها تبني الالتزامات التي ترفضها لفظيا. وهنا تكمن الإشكالية فصائل تسعى للسلطة دون تقديم الوضوح السياسي الذي يستحقه الشعب.

Post Views35 Total Count

تصفح المواضيع

اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Ethical Dimensions in the Digital Age

The Internet is becoming the town square for the global village of tomorrow.

الأكثر قراءة

هاشتاغ

عن زيتون نيوز

زيتون نيوز موقع اعلامي صادر عن مركز رام للدراسات العربية. مختص بالشؤون العربية في كندا، بالاضافة الى الاهتمام بأهم القضايا في الوطن العربي. وهو موقع مهني تشرف عليه الصحفية تغريد سعادة التي تعمل في الصحافة لما يزيد عن عقدين من الزمان.
يقع المكتب الرئيسي في مدينة ادمنتون / ألبرتا. ويعمل على تقديم تغطية شاملة، لكافة الأحداث السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية للعرب في كندا. 

آخر الأخبار

  • All Posts
  • About Us
  • English News
  • أخبار
  • تحقيقات
  • ثقافة
  • شؤون الجالية
  • شؤون عربية
  • لقاءات
  • مقالات
  • منوعات
    •   Back
    • About us
    •   Back
    • Art and Cinema
    • Interviews

أقسام

 Zaytoun News © 2024

error: Content is protected !!