سجل في القائمة البريدية

Edit Template

الموقف العربي من التصعيد العسكري: بين دعم مقاومة الاحتلال والتحفظ من التدخلات الإيرانية

تغريد سعادة

حاز التصعيد بين إيران وإسرائيل على اهتمام بالغ في العالم العربي، وأثار جدلا واسعا على المستويين الشعبي والرسمي نظرا لتشابك المصالح الإقليمية، وتعدد الجبهات التي تستخدم فيها الأراضي العربية كمنصات للمواجهة غير المباشرة بين الطرفين.

فعلى المستوى الشعبي، تميل قطاعات واسعة من الرأي العام العربي إلى تأييد إيران أو على الأقل تبرير تحركاتها، باعتبار إسرائيل عدوا تاريخي ومشترك للعرب والمسلمين، خاصة في ظل تصاعد الهجمات الإسرائيلية على الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية، والانتهاكات المستمرة للمقدسات الإسلامية في القدس.

وينظر إلى إيران، رغم الاختلافات المذهبية والسياسية، على أنها الطرف الوحيد الذي واجه إسرائيل عسكريا بشكل مباشر أو عبر وكلاء، في الوقت الذي تتراجع فيه بعض الأنظمة العربية عن دعمها التاريخي للقضية الفلسطينية.

أما الموقف الرسمي للدول العربية، فيتراوح بين الصمت، والدعوات إلى ضبط النفس، وبين مواقف صريحة تعبر عن القلق من توسع النفوذ الإيراني في المنطقة، خاصة في دول مثل فلسطين، العراق، سوريا، لبنان، واليمن.

وتعكس هذه المواقف الخلافات الجذرية في المقاربة العربية تجاه إيران، حيث صنفتها بعض الدول العربية كتهديد مباشر لأمنها القومي، بينما ترى فيها دول أخرى حليفا في مواجهة إسرائيل، رغم الحذر من طموحاتها الإقليمية.

في فلسطين، يتعزز حضور إيران من خلال دعمها العسكري والسياسي لحركتي حماس والجهاد الإسلامي، وهو دعم مكن هذه الفصائل من تطوير قدراتها، لكنه أثار أيضا تحفظات فلسطينية، خوفا من أن تستخدم القضية الفلسطينية كورقة تفاوض إيرانية في صراعها مع الغرب وإسرائيل.

القيادة الفلسطينية الرسمية عبّرت في أكثر من مناسبة عن رفضها لما اعتبرته تدخلًا إيرانيًا في الشأن الفلسطيني.

في هذا السياق، صرّح نبيل أبو ردينة، المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية، أن على إيران “احترام استقلالية القرار الفلسطيني”، مؤكدًا أن “لا أحد يحق له التحدث باسم الفلسطينيين أو التدخل في خياراتهم الوطنية”.

كما نددت حركة “فتح” بتصريحات صدرت عن مسؤولين إيرانيين هاجموا الرئيس محمود عباس، معتبرة أن “مثل هذه المواقف لا تخدم إلا إسرائيل، وتسعى إلى زرع الفتنة الفلسطينية الداخلية”.

وتتهم جهات رسمية فلسطينية إيران بمحاولة زعزعة استقرار الضفة الغربية من خلال دعم وتسليح مجموعات مسلحة خارجة عن إطار منظمة التحرير، في مناطق مثل جنين وطولكرم، وهو ما اعتبرته القيادة الفلسطينية تهديدا لوحدة القرار الوطني، ونقل تجربة غزة الى الضفة الغربية.

في لبنان، يبرز “حزب الله” كأهم وكلاء إيران في المنطقة، ويشكل خط المواجهة الأول في الشمال مع إسرائيل. لكن هذا الدور خلق انقساما داخل لبنان نفسه، بين من يرى في الحزب قوة ردع وطنية، ومن يتهمه بجرّ لبنان إلى حروب لا تخدم المصلحة اللبنانية.

أما في العراق، فقد وسعت إيران من نفوذها من خلال دعم فصائل الحشد الشعبي وبعض الأحزاب الشيعية، ما ولد شعورا بالقلق لدى أطراف سنية وكردية، كما دفع بعض الدول العربية إلى اعتبار النفوذ الإيراني تهديدا مباشرا لوحدة العراق واستقراره.

يضاف إلى ذلك، التخوف العربي من أن تؤدي الحرب المفتوحة بين إيران وإسرائيل إلى تدمير ما تبقى من استقرار هش في بعض دول المنطقة، وإلى زج الأراضي العربية في صراعات لا قرار لها فيها، كما هو الحال في سوريا واليمن.

في النهاية يمكن القول إن الموقف العربي من التصعيد بين إيران وإسرائيل يراوح بين التأييد العاطفي للمقاومة والتحفظ السياسي من النفوذ الإيراني، وهو ما يعكس غياب سياسة عربية موحدة تجاه التحولات الجارية في الإقليم. كما يكشف عن أزمة أعمق تتعلق بضعف الدور العربي المركزي، وغياب آليات واضحة للدفاع عن القضايا القومية من داخل البيت العربي، لا عبر الرهان على أطراف خارجية.

Post Views38 Total Count

تصفح المواضيع

اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Ethical Dimensions in the Digital Age

The Internet is becoming the town square for the global village of tomorrow.

الأكثر قراءة

هاشتاغ

عن زيتون نيوز

زيتون نيوز موقع اعلامي صادر عن مركز رام للدراسات العربية. مختص بالشؤون العربية في كندا، بالاضافة الى الاهتمام بأهم القضايا في الوطن العربي. وهو موقع مهني تشرف عليه الصحفية تغريد سعادة التي تعمل في الصحافة لما يزيد عن عقدين من الزمان.
يقع المكتب الرئيسي في مدينة ادمنتون / ألبرتا. ويعمل على تقديم تغطية شاملة، لكافة الأحداث السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية للعرب في كندا. 

آخر الأخبار

  • All Posts
  • About Us
  • English News
  • أخبار
  • تحقيقات
  • ثقافة
  • شؤون الجالية
  • شؤون عربية
  • لقاءات
  • مقالات
  • منوعات
    •   Back
    • About us

أقسام

 Zaytoun News © 2024

error: Content is protected !!