سجل في القائمة البريدية

Edit Template

بكيت غزة منذ اليوم الأول

تغريد سعادة

في الساعات الأولى من صباح السابع من أكتوبر 2023 ، اتصلت بي صديقتي من أمريكا. كانت الساعة الثانية بعد منتصف الليل في المدينة الكندية التي أعيش فيها. أخبرتني بعملية حماس، وأجهشت بالبكاء. بكيت بحرقة ومن ألم وخوف عميقين.

كنت أتابع الأخبار لحظة بلحظة. سمعت الهتافات، رأيت التهليل، وقرأت عن “التحرير القريب”. لكنني لم أشارك هذا الحماس، لم أفرح. كنت أبكي. أعرف تماما، كما يعرف كل من تابع حروب غزة السابقة، ما الذي سيأتي بعد ذلك، قصف، ومجازر، وتجويع، وتدمير ممنهج. كنت أرى السيناريو يتكرر أمامي، لكن هذه المرة كان بشكل أبشع واوسع مدى.

وكنت اقول طالما الظروف الموضوعية المحيطة بالقضية الفلسطينية لم تتغير، فمن اين سيأتي التحرير؟ وما هي مقومات حماس التي تغيرت لترجح كفتها بهذا الصراع المستعصي ومنذ سبعة عقود؟

أعرف كيف يفكر الاحتلال الإسرائيلي حين يؤسر جندي، شاهدنا شاليط، وتابعنا كيف ظل في الأسر خمس سنوات، وكيف تعاطى نتنياهو مع هذا الملف لاسرى اخرين في قبضة حماس منذ عام 2014، والذي رفض تحريرهم ورفض كل الاقتراحات وصفقات التبادل.

قيل لي إنني متشائمة. وصف موقفي بالساذج، بل وصل البعض إلى نعتي بالعميلة. لكني كنت أعلم تماما إلى أين تسير الأمور. لم أخدع نفسي بشعارات الانتصار، ورأيت الامور قياسا على الحروب السابقة.

رأيت من يهلل لتفجير الدبابات، ويحتفي بمقتل الجنود الإسرائيليين، وكأن الأمر نصر مبين. تداولوها على منصات التواصل تحت عناوين البطولة والمقاومة، بينما أهل غزة يعيشون الكارثة الحقيقية، يبكون أطفالهم الذين ماتوا بلا دواء أو طعام ويعيشون في الشوارع، يبكون غزة التي سويت بالارض. وهذا التهليل المزيف كأن ما قامت به حماس اهم بكثير من اهل غزة.

ذلك التباين بين فرحة الانتصار الوهمية ومجزرة حاضرة بكل ابعادها بالانسان والحجز والحيوان وكل شيئ، وهو ألم مضاف.

كنت وما زلت أعتقد أن حماس كان يجب أن تسلم الملف للقيادة الفلسطينية، أو على الأقل لجامعة الدول العربية، منذ اللحظة الأولى. ليس لأنها لا تمثل جزءا من الشعب، بل لأن الامور واضحة الى اين تسير، ولا خيارات امام حماس للمناورة مهما تنازلت. ثمة معطيات تجعلنا نرى للامام قليلا.

اليوم، نسمع عن صفقات محتملة. لكنني أتساءل: مقابل ماذا؟ إن أفرج عن مائة أو ألف أسير، فهل يعود الشهداء؟ هل ننسى آلاف الأطفال الذين ماتوا جوعا وقصفا؟ ما طعم هذا الإفراج مقابل حياة الآلاف وحياة غزة نفسها؟

أكتب وأنا ما زلت على تواصل يومي مع شعبنا في غزة. منذ اليوم الأول، وأنا أعيش معهم هذا الجحيم، وأحترق بدموعهم.

إن من أخطأ، حتى ولو بحسن نية، عليه أن يعترف. لا عيب في ذلك. العيب أن نكمل الطريق ذاته بينما الجثث تتراكم، والوجع لا ينتهي.

ورغم ذلك يقيني ان فلسطين ستبقى أولا وأخيرا. والنضال مستمر مهما حصل. وعاش الشعب الفلسطيني الحر.

Post Views31 Total Count

تصفح المواضيع

اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Ethical Dimensions in the Digital Age

The Internet is becoming the town square for the global village of tomorrow.

الأكثر قراءة

هاشتاغ

عن زيتون نيوز

زيتون نيوز موقع اعلامي صادر عن مركز رام للدراسات العربية. مختص بالشؤون العربية في كندا، بالاضافة الى الاهتمام بأهم القضايا في الوطن العربي. وهو موقع مهني تشرف عليه الصحفية تغريد سعادة التي تعمل في الصحافة لما يزيد عن عقدين من الزمان.
يقع المكتب الرئيسي في مدينة ادمنتون / ألبرتا. ويعمل على تقديم تغطية شاملة، لكافة الأحداث السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية للعرب في كندا. 

آخر الأخبار

  • All Posts
  • About Us
  • English News
  • أخبار
  • تحقيقات
  • ثقافة
  • شؤون الجالية
  • شؤون عربية
  • لقاءات
  • مقالات
  • منوعات
    •   Back
    • About us

أقسام

 Zaytoun News © 2024

error: Content is protected !!