سجل في القائمة البريدية

Edit Template

بين طريق المفاوضات والصواريخ: فلسطين إلى أين؟

تغريد سعادة

منذ أكثر من ثلاثة عقود، سلك الفلسطينيون طريقين متوازيين، بل متضادين أحيانا كثيرة، طريق المفاوضات والدبلوماسية، وطريق المقاومة المسلحة. وعلى مدار هذه المسيرة المعقدة، تتعدد الأسئلة، أي الطريقين أقرب لتحقيق الدولة الفلسطينية؟ وهل باتت التجربة كافية لاستخلاص العبر؟

صحيح أن المفاوضات لم تثمر حتى الآن عن دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة كاملة على الأرض، لكن تجاهل ما تحقق عبر المسار الدبلوماسي سيكون ظلما للتاريخ.

فمن خلال هذا المسار، أُسست السلطة الفلسطينية، واعترف العالم بمنظمة التحرير كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني، وتم رفع مكانة فلسطين في الأمم المتحدة إلى دولة مراقبة عام 2012، ما أتاح لها الانضمام إلى عشرات المنظمات الدولية.

كما مكنها هذا الوضع من الانضمام لمحكمة الجنايات الدولية وفتح ملفات جرائم الاحتلال، والتصدي لمحاولات تهويد المدن الفلسطينية من خلال عضوية اليونسكو. و ثبيت الرواية الفلسطينية دوليا، وربط وجود الاحتلال باعتباره احتلالا غير قانوني في الضفة الغربية، وهو أمر صادقت عليه غالبية دول العالم في قرار اممي العام الماضي.

ومع إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون – وفرنسا عضو في مجلس الامن – نيّته الاعتراف بدولة فلسطين في سبتمبر المقبل، يصل عدد الدول التي اعترفت بفلسطين إلى 149 دولة، ومن المتوقع أن تنضم كندا وبريطانيا إلى هذا المسار خلال العام الجاري.

هذه الاعترافات لم تأت عبر فصائل مسلحة أو شعارات عاطفية، بل جاءت نتيجة جهد دبلوماسي منظم استمر لعقود، بقيادة منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية.

ومنذ سيطرة حماس على غزة عام 2007، دخل القطاع في سلسلة من الحروب المدمرة: 2008، 2012، 2014، 2021، وأخيرا 2023 حتى وقتنا الحالي. في كل مرة، كانت الخسائر الإنسانية والمادية هائلة، وكان المدنيون هم الثمن الأكبر.

لم تؤد هذه الحروب إلى إنهاء الاحتلال، بل دمرت بنية غزة، وقتلت عائلات بأكملها، وأعادت القضية الفلسطينية إلى دائرة الصراع العسكري بدلا من أن تبقى في قلب الحراك السياسي العالمي.

المفارقة أن حرب 2009 كانت من المفترض أن تطيح بحكم حماس، لكنها على العكس عززته تحت عباءة “المقاومة”، فصار كل نقد لها يفهم على أنه نقد للمقاومة ذاتها. وهو خلط خطير، لا بد للمثقفين الفلسطينيين أن يتصدوا له.

لقد نجحت حماس في حماية موقعها عبر احتكار مصطلح “المقاومة”، لكنها فشلت في تطوير مشروع وطني شامل. تنقلت بين مشاريع مختلفة، من الإسلام السياسي إلى التقارب مع إيران، ثم تركيا، وقطر، والانخراط بالمشروع الاخواني في عهد محمد مرسي والذي فتح لها افقا عاليا اوصلها لفتح خطوط مع الادارة الامريكية.

والاحتلال حاصر القطاع وعاقب الشعب الفلسطيني في غزة، ولكن لم يحاصر حماس والتي بقيت تتلقى معونات مالية شهريا تقدر بـ 30 مليون دولار شهريا، للاستمرار في حكمها وبقيت تتنقل قياداتها بين الداخل والخارج بكل راحة عكس الشعب الذي عانى الامرين.

وحتى الحديث عن انتخابات ومصالحة، دون رؤية واضحة أو التزام حقيقي بمشروع الدولة كان ضرب من الخيال. وهنا علينا اعادة التقييم في اسباب فشل الانقسام، فلي راي مختلف عما يتم طرحه بسبب اني شاركت في اللجان الوطنية لانهاء الانقسام مع قيادات الصف الاول في الفصائل، فضلا عن قراءة المحاضر لجلسات انهاء الانقسام بين فتح وحماس. قد يتيح لي قادم الايام الحديث عنها باستفاضة.

وهنا، ينبغي التأكيد على أن حماس لا تمثل كل أوجه المقاومة الفلسطينية، وأن احتكارها للفعل المقاوم وتشويهها للبدائل لا يخدم القضية. المقاومة فعل وطني، لا يحتكر، ولا يقدس خارج إطار المحاسبة والمساءلة.

الطريق نحو الاستقلال لا يمكن أن يكون عبر الانقسام، ولا عبر الحروب المفتوحة، ولا عبر الشعارات. ما تحتاجه فلسطين اليوم هو قيادة موحدة، ومشروع سياسي جامع، ومقاومة متعددة الأوجه، دبلوماسية وقانونية وشعبية وميدانية، لكنها مقاومة بعقل وطني، لا بعقيدة حزبية.

كمثقفين وإعلاميين، يقع علينا واجب وطني وأخلاقي بنشر الوعي، وتفكيك الخطاب العاطفي، والتمييز بين المقاومة كحق، وبين استغلالها كذريعة لاحتكار المشهد.

وارى ان الاعتراف الدولي بدولة فلسطين هي الأرض الصلبة التي سيبنى عليها الاستقلال لدولة فلسطين ذات سيادة. وعلينا التركيز على ذلك بعد وقف الحرب على الشعب الفلسطيني في غزة.

Post Views31 Total Count

تصفح المواضيع

اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Ethical Dimensions in the Digital Age

The Internet is becoming the town square for the global village of tomorrow.

الأكثر قراءة

هاشتاغ

عن زيتون نيوز

زيتون نيوز موقع اعلامي صادر عن مركز رام للدراسات العربية. مختص بالشؤون العربية في كندا، بالاضافة الى الاهتمام بأهم القضايا في الوطن العربي. وهو موقع مهني تشرف عليه الصحفية تغريد سعادة التي تعمل في الصحافة لما يزيد عن عقدين من الزمان.
يقع المكتب الرئيسي في مدينة ادمنتون / ألبرتا. ويعمل على تقديم تغطية شاملة، لكافة الأحداث السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية للعرب في كندا. 

آخر الأخبار

  • All Posts
  • About Us
  • English News
  • أخبار
  • تحقيقات
  • ثقافة
  • شؤون الجالية
  • شؤون عربية
  • لقاءات
  • مقالات
  • منوعات
    •   Back
    • About us

أقسام

 Zaytoun News © 2024

error: Content is protected !!