واشنطن – برلين – زيتون نيوز
أصدر مسؤول كبير من إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب تحذيرا غير مسبوق للدبلوماسيين الغربيين خلال اجتماع عقد في كييف الأسبوع الماضي، في ظل تصاعد القلق من التفوق العسكري الروسي وتباطؤ الدعم الغربي لأوكرانيا.
وكشف المسؤول، دان دريسكول، وزير الجيش الأمريكي السابق وأحد أبرز الشخصيات المنخرطة في جهود إنهاء الحرب، أن روسيا وصلت إلى مرحلة متقدمة في إنتاج الصواريخ، تسمح لها ليس فقط بمواصلة الهجمات على أوكرانيا، بل أيضا ببناء مخزون استراتيجي خطير من الأسلحة بعيدة المدى.
وقال المسؤول، إن أوروبا “تتجاهل حقيقة أن روسيا تعيد بناء منظومتها العسكرية بسرعة”، وإن أي تردد في دعم الدفاعات الأوروبية قد يعرض القارة لهزات أمنية غير مسبوقة.
ووفقا لمسؤولين غربيين حضروا الاجتماع، أوضح دريسكول أن روسيا لم تعد تطلق الصواريخ بالمعدل المرتفع نفسه كما في السنوات الماضية، بل بدأت بتخزينها تمهيدا لخطوة مستقبلية. وخلص الحاضرون إلى أن موسكو قد تمتلك قريبا قوة صاروخية أكبر وأكثر خطورة، قادرة على تنفيذ ضربات واسعة ضد أوكرانيا وتهديد دول أوروبية أخرى مباشرة.
وتشير تقديرات أمريكية وأوكرانية إلى أن روسيا تنتج آلاف الصواريخ سنويا، بينها صواريخ إسكندر وكينجال وكاليبر، وتطلق كمية أقل من حجم الإنتاج، مما يدل على تراكم المخزون.
جاءت هذه التصريحات في وقت تضغط فيه واشنطن على الدول الأوروبية لدعم الجهود السياسية الهادفة إلى إنهاء الحرب.
ورغم النبرة التحذيرية، صرح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأن بلاده “لا تخطط لمهاجمة أوروبا”، واصفا التحذيرات الغربية بأنها “سخيفة”، لكنه أبدى استعدادا لمناقشة أمن القارة، معتبرا خطة ترامب لإنهاء الحرب “أساسًا لاتفاقيات مستقبلية محتملة”.
تزامنت هذه التحذيرات مع زيادة الهجمات الروسية خلال الأشهر الأخيرة. ففي سبتمبر/أيلول، استهدف مبنى الحكومة في كييف، إضافة إلى قصف مصنع أمريكي غرب البلاد. وخلال الأسبوع الجاري، أطلقت روسيا وابلا من الصواريخ الباليستية وصواريخ الغواصات باتجاه العاصمة الأوكرانية. كما أدى قصف روسي لمدينة ترنوبل الأسبوع الماضي إلى مقتل العشرات.
على وقع هذه التطورات، تستعد ألمانيا لسيناريو أكثر قتامة. فبعد سنوات من التحضير السري، بدأت برلين تنفيذ “خطة العمليات الألمانية”، وثيقة من 1200 صفحة كشفت عنها صحيفة وول ستريت جورنال، وتوضح كيفية نقل ما يصل إلى 800 ألف جندي من ألمانيا والولايات المتحدة ودول أوروبية أخرى إلى الجبهة إذا اندلع نزاع واسع مع روسيا.
تتضمن الخطة كل عناصر البنية التحتية: الموانئ والأنهار والسكك الحديدية و شبكات الطرق وسلاسل الإمداد والأمن الداخلي.
وتحاول ألمانيا، التي تصف نفسها بأنها أصبحت مجددا “أكبر قوة عسكرية في أوروبا”، معالجة نقاط ضعفها، مثل البيروقراطية، ونقص العمالة، والتدهور الكبير في البنى التحتية.
ويحذر كبار العسكريين الألمان من أن روسيا قد تستعد لمهاجمة دول حلف الناتو بحلول عام 2029، مشيرين إلى أن التخريب والاختراقات الجوية والتجسس الروسي كلها عوامل تقرب أوروبا من حافة سوء تقدير خطير.
وفي مواجهة هذه التحديات، تجري ألمانيا تدريبات مشتركة مع الشرطة وخدمات الطوارئ. وأظهر تدريب في هامبورغ فجوات كبيرة في القدرة على العمل تحت الضغط، أبرزها تعطل قافلة عسكرية لساعتين بسبب متظاهرين لم تتمكن الشرطة من تفريقهم بسرعة.
كما تعمل برلين على إعادة بناء الجسور والموانئ وشبكات النقل، وتحاول الاستعانة بشركات خاصة مثل راينميتال لبناء معسكرات لوجستية سريعة التجهيز.
وفي فرنسا، دخلت المخاوف من التهديد الروسي في صلب النقاش السياسي. فقد أعلن الرئيس إيمانويل ماكرون مقترحا لتوسيع التجنيد الوطني ليشمل جميع الشباب بين 18 و19 عاما، بهدف زيادة قوام قوات الاحتياط سنويا.
وحذر رئيس الأركان الفرنسي الجنرال فابيان ميندون مؤخرا من أن روسيا قد تكون مستعدة للمواجهة العسكرية ضد أوروبا بحلول عام 2030، داعيا المواطنين إلى “الاستعداد للتضحيات”، وهو تصريح أثار جدلا واسعا.
