سجل في القائمة البريدية

Edit Template

تضحيات الفلسطينيين بين الاستقلال وأجندات الإخوان

تغريد سعادة

بعد عامين من الحرب المدمرة في قطاع غزة، ترك الشعب الفلسطيني بلا حماية يموت ويجوع ويشرد، ويدفن احبته بالدين. المدنيون الذين خاضوا أسوأ الظروف لم يجدوا حماية من القصف والدمار، ولم تر عيونهم أي إنقاذ حقيقي من الأجهزة الحكومية الحمساوية، في حين كانت قيادات وقواعد حركة حماس تختبئ في الأنفاق، تاركة الناس وقودا للحرب. مع الحفاظ على توازن دقيق لتنفيذ عملية هنا وهناك لتبدو ان حماس تقاوم.

مع انتهاء الحرب، عادت حماس لتؤكد سلطتها عبر بيانات رسمية، أبرزها البيان الصادر عن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، الذي دعا الفلسطينيين إلى “التعاون الكامل مع الأجهزة الحكومية والإنسانية”، مؤكدا أن الهدف هو “إعادة الحياة إلى القطاع وتعزيز الصمود”. لكن هذه اللغة لم تقنع الغزيين الذين عاشوا عامين من القصف والتجويع، إذ يطرح البيان تساؤلات جوهرية حول جدية الحماية والقدرة على تلبية الاحتياجات الإنسانية الحقيقية.

في الوقت نفسه، أعلنت وزارة الداخلية التابعة لحماس عن انتشار أجهزتها الأمنية في المناطق التي انسحب منها الجيش الإسرائيلي، بهدف “استعادة النظام العام ومعالجة مظاهر الفوضى”. ودعت المواطنين إلى الحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة والتعاون مع الأجهزة الأمنية والخدماتية، مؤكدة أن السيطرة ستكون تدريجية ومنظمة للحفاظ على الأمن والاستقرار.

لكن هذا التوجه يعكس وجهة نظر حماس في فرض السيطرة بالقوة والنظام الأمني، وهو ما يثير تساؤلا محوريا هل يحتاج الغزاويين الذي عانى التجويع والدمار إلى سيطرة صارمة أم إلى حماية فعلية وضمانات إنسانية؟ الواقع المؤلم يشير إلى أن الغالبية العظمى من المدنيين تعيش حالة من الشك تجاه سلطة – حماس – لم تقدم لهم الغذاء أو الدواء أو مأوى آمن، او حتى توفر دعما للاهالي المكلوبين ثمن دفن موتاهم، والاهم لم تدافع عنهم بالسلاح الذي تملكه وتهدد به الاحتلال ليل نهار.

تاريخيا، استخدمت حماس القوة المفرطة لتثبيت سيطرتها مند انقلابها عام 2007 وهو ما وثقته عدسات التلفزة من قتل الفتحاويين وسحلهم بالشوارع. وفي حوادث كثيرة خلال حكمها للقطاع، وعلي سبيل المثال لا الحصر أحداث 2009 حينما قصفت مسجد وبداخله الإمام والمصلين، بادعاء انهم متطرفون، وهي جماعة اعتقدت حماس انها تنافسها على الحكم. أنها لا تتردد في فرض سيطرتها على المجتمع مهما كانت الخسائر البشرية أو الرمزية.

ان الحديث عن حماس لا يكتمل دون النظر إلى روابطها الإقليمية والمشروع الإخواني الذي تتماهى معه. الحركة ليست مجرد فصيل مقاوم، بل امتداد لفكر الإخوان المسلمين في المنطقة، والذي تدعمه قوى إقليمية تقودها تركيا ودولية لتحقيق أهداف استراتيجية، مثلما حصل في سوريا وتم إسقاط الأسد ووضع قوى موالية لمشاريع موالية في سوريا- حكم لشرع زعيم جبهة النصرة. هذا يطرح تساؤلا جوهريا: هل الشعب الفلسطيني يقدم تضحياته لصالح مشروع إقليمي يتجاوز مصالحه الوطنية؟

المفارقة تتجلى أيضا في أن حماس، رغم خطابها المقاوم، تجلس على نفس الطاولة مع إسرائيل في اللقاء الاخير كما اكدته وسائل الاعلام والوسطاء، في حين يروج الإعلام لها بأنها تقود مقاومة ضد الاحتلال. على المستوى الإقليمي، يبرز الدور التركي حيث يعتبر الرئيس أردوغان الزعيم الدولي للإخوان، يدعي دعم المقاومة، لكنه يقيم علاقات دبلوماسية مع الاحتلال الإسرائيلي، هكذا هو المشروع الاخواني. وهذا المشروع الذي تحاكيه حماس في سياساتها الداخلية والخارجية.

ما تفعله حماس اليوم يعد محاولة بائسة للعودة إلى حكم غزة، الذي استولت عليه بالدم والنار وبدعم قوى خارجية. لكن العالم كله يدعم دولة فلسطينية في الضفة والقطاع والقدس، وليس دولة منفصلة في غزة كما يريده الأمريكيون والاحتلال. إن استمرار سيطرة حماس يهدد إشعال حرب أهلية في القطاع، ويحقق حلم نتنياهو بتهجير الفلسطينيين من غزة والذين طالبوا بخروجها من الحكم خلال الحرب مرددين برة برة.

Post Views37 Total Count

تصفح المواضيع

اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Ethical Dimensions in the Digital Age

The Internet is becoming the town square for the global village of tomorrow.

الأكثر قراءة

  • All Posts
  • About Us
  • English News
  • أخبار
  • تحقيقات
  • ثقافة
  • شؤون الجالية
  • شؤون عربية
  • لقاءات
  • مقالات
  • منوعات
    •   Back
    • About us
    •   Back
    • Art and Cinema
    • Interviews

هاشتاغ

عن زيتون نيوز

زيتون نيوز موقع اعلامي صادر عن مركز رام للدراسات العربية. مختص بالشؤون العربية في كندا، بالاضافة الى الاهتمام بأهم القضايا في الوطن العربي. وهو موقع مهني تشرف عليه الصحفية تغريد سعادة التي تعمل في الصحافة لما يزيد عن عقدين من الزمان.
يقع المكتب الرئيسي في مدينة ادمنتون / ألبرتا. ويعمل على تقديم تغطية شاملة، لكافة الأحداث السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية للعرب في كندا. 

آخر الأخبار

  • All Posts
  • About Us
  • English News
  • أخبار
  • تحقيقات
  • ثقافة
  • شؤون الجالية
  • شؤون عربية
  • لقاءات
  • مقالات
  • منوعات
    •   Back
    • About us
    •   Back
    • Art and Cinema
    • Interviews

أقسام

 Zaytoun News © 2024

error: Content is protected !!