سجل في القائمة البريدية

Edit Template

جورج عبد الله: أسير النضال وحامل راية فلسطين الى الحرية

تغريد سعادة

بعد انتظار طويل دام أكثر من أربعين عاما، أصدرت محكمة في باريس قرارا بالإفراج عن المناضل اللبناني جورج إبراهيم عبد الله، الذي قضى سنوات عديدة في السجون الفرنسية بسبب مواقفه السياسية حيال فلسطين ومناهضته للاحتلال.

قبل عدة أشهر من أحداث 7 أكتوبر 2023، كان لي شرف أن أكون عضوا في اللجنة الكندية للدفاع عن جورج عبد الله، حيث عملنا على تنظيم حملات وفعاليات لرفع الوعي بقضيته العادلة في كندا والضغط من أجل إطلاق سراحه.

مع اندلاع أحداث 7 أكتوبر، تغيرت أولويات العمل، فحولت اللجنة جهودها إلى دعم أوسع للقضية الفلسطينية، التي كانت دائما في صلب نضال عبد الله وقضيته.

وقرار الإفراج عن عبد الله لا يمثل فقط خطوة قانونية، بل بداية فصل جديد لرجل ظل صامدا ومتمسكا بقناعاته رغم كل التحديات.

ولد جورج عبد الله في بلدة القبيات شمال لبنان عام 1951، في عائلة مارونية. منذ صغره، تفاعل مع الواقع السياسي المعقد الذي كان يعصف بلبنان والمنطقة، حيث اندلعت الحرب الأهلية اللبنانية واشتدت الصراعات الإقليمية.

انضم عبد الله إلى التيارات اليسارية الماركسية، متأثرا بالأفكار القومية والتحررية. كان من المؤسسين لتنظيم “الفصائل المسلحة الثورية اللبنانية”، وهي حركة صغيرة ماركسية / لينينية نشأت خلال الحرب الأهلية اللبنانية، وكانت موجهة ضد الاحتلال الإسرائيلي والدعم الأمريكي لإسرائيل.

تعاون عبد الله مع الحزب الشيوعي اللبناني والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، مؤمنا بأن المقاومة الفلسطينية هي القلب النابض للنضال ضد الاستعمار والاستبداد.

في عام 1984، تم اعتقال جورج عبد الله في فرنسا بتهم تتعلق بالمشاركة في عمليات اغتيال دبلوماسيين أمريكيين وإسرائيليين، وهي التهم التي أثارت جدلا واسعا حول مدى صحتها وحول الدوافع السياسية وراء اعتقاله. في عام 1987، حكم عليه بالسجن المؤبد، لكنه ظل محتجزا لفترة أطول بكثير، إذ استمر اعتقاله رغم انتهاء المدة الأصلية لحكمه عام 1999، وسط ضغوط سياسية من دول مثل الولايات المتحدة وإسرائيل.

طوال سنوات سجنه الطويلة، عانى جورج عبد الله ظروفا قاسية داخل السجون الفرنسية، شملت عزلا وانفصالا عن العالم الخارجي، مع حرمانه من الكثير من حقوقه الأساسية. ورغم هذه المعاناة، بقي عبد الله متمسكا بمواقفه السياسية، رافضا طلبات العفو أو الإفراج المشروط التي كانت تقدم له مقابل التخلي عن قناعاته.

خلال فترة سجنه، كان عبد الله يبعث رسائل إلى العالم الخارجي عبر مناصرين ومحامين، يعبر فيها عن صموده وإيمانه بقضية فلسطين وبالحق في المقاومة ضد الاحتلال.

جورج عبد الله لم يكن مجرد سجين سياسي، بل كان رمزا للثبات على المبادئ والقيم التي ناضل من أجلها. رفض عبد الله جميع عروض العفو التي كانت تطرح عليه، مشددا على أن القبول بها يعني التخلي عن قضيته وعن معتقداته العميقة في التحرر والمقاومة.

كان عبد الله دائما صريحا في موقفه من الاحتلال الإسرائيلي، معبرا عن تضامنه الكامل مع الشعب الفلسطيني ونضاله المشروع لاستعادة حقوقه الوطنية. كما انتقد بشدة السياسات الغربية في الشرق الأوسط، ولا سيما دور الولايات المتحدة وفرنسا في دعم الاحتلال والتدخل في الشؤون العربية.

بالإضافة إلى ذلك، عبر عبد الله عن استيائه من بعض الأنظمة العربية التي اختارت التطبيع أو تبني سياسات تساوم على الحقوق الوطنية، مؤكدا أن المقاومة والكرامة هما السبيل الوحيد لتحقيق الحرية.

رسائله ومواقفه من داخل السجن كانت تلهم العديد من النشطاء والقوى السياسية في لبنان وفلسطين والعالم العربي، وجعلته أيقونة للنضال السياسي والمقاومة.

كما كان لقضيته أصداء واسعة على الساحة الدولية، حيث تبنت العديد من منظمات حقوق الإنسان حملات مناصرة له، واعتبرته سجين رأي سياسي يجب الإفراج عنه، مما ساهم في إبراز قضايا الأسرى السياسيين في سجون الغرب.

شهد قرار المحكمة الفرنسية بالإفراج عن جورج عبد الله ترحيبا واسعا من مختلف الأطراف، لا سيما في لبنان وفلسطين. حيث رحبت الحكومة اللبنانية بهذا القرار معتبرة إياه خطوة إيجابية نحو العدالة. كما عبر حزب الله اللبناني عن تأييده واصفا الإفراج بأنه انتصار لقضية المقاومة والنضال.

وفي فلسطين، رحبت عدة فصائل مثل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وحركة حماس وحركة الجهاد الإسلامي بالقرار، معتبرين أن عبد الله رمز للنضال الفلسطيني وحقوق الأسرى والمعتقلين السياسيين.

بالإضافة إلى ذلك، أبدى مثقفون عرب وفلسطينيون ومنظمات حقوق الإنسان في لبنان والعالم العربي دعمها، ووصفت عبد الله بأنه سجين رأي سياسي يستحق الحرية والعدالة.

Post Views9 Total Count

تصفح المواضيع

اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Ethical Dimensions in the Digital Age

The Internet is becoming the town square for the global village of tomorrow.

الأكثر قراءة

هاشتاغ

عن زيتون نيوز

زيتون نيوز موقع اعلامي صادر عن مركز رام للدراسات العربية. مختص بالشؤون العربية في كندا، بالاضافة الى الاهتمام بأهم القضايا في الوطن العربي. وهو موقع مهني تشرف عليه الصحفية تغريد سعادة التي تعمل في الصحافة لما يزيد عن عقدين من الزمان.
يقع المكتب الرئيسي في مدينة ادمنتون / ألبرتا. ويعمل على تقديم تغطية شاملة، لكافة الأحداث السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية للعرب في كندا. 

آخر الأخبار

  • All Posts
  • About Us
  • English News
  • أخبار
  • تحقيقات
  • ثقافة
  • شؤون الجالية
  • شؤون عربية
  • لقاءات
  • مقالات
  • منوعات
    •   Back
    • About us

أقسام

 Zaytoun News © 2024

error: Content is protected !!