سجل في القائمة البريدية

Edit Template

حماس بين استعادة السيطرة وافتعال الانتصار

تغريد سعادة

تحاول حركة حماس اليوم إعادة فرض حضورها على الأرض في قطاع غزة بعد عامين من الحرب التي دمرت كل شيء. تظهر عناصرها مجددا في الشوارع، المسلحون والملثمون والشارات الخضراء، تحت شعار “ضبط الأمن”، لكنها في الواقع تسعى إلى إعادة إنتاج سلطتها القديمة، مستندة إلى القوة، المنهج الذي استطاعت ان تحكم القطاع خلال الـ 18 عاما.

تعلن الحركة عن حملات لملاحقة من تصفهم بـ”عملاء الاحتلال”، لكنها بذلك تطلق يدها في تصفية كل من يعارضها أو يجرؤ على انتقادها، متذرعة بالمقاومة لتبرير القمع، ومستخدمة ذريعة “الأمن” لتكميم الأفواه.

في المقابل، تكشف مفاوضات حماس الأخيرة في شرم الشيخ عن ضعفها الحقيقي أمام الخارج، والتي تقدم كل التنازلات مقابل بقائها. وهي لم تدخل طاولة التفاوض من موقع قوة، بل تحت الضغط والتهديد المباشر من ترامب، و بعد أن فرضت عليها شروط قسرا. وما أن قبلت بها حتى بدأت ترفع من جديد شعارات الانتصار والسيادة، محاولة إقناع الناس بأنها ما زالت الحاكم الفعلي للقطاع.

لكن هذه العودة الميدانية تحمل في طياتها مؤشرات خطيرة على احتمال انفجار داخلي، قد تكون الى حرب أهلية، إذ تحاول الحركة ترسيخ حكمها عبر القبضة الأمنية بعد أن أنهكت القطاع بحرب لم توفر له لا حماية ولا غذاء ولا مأوى بل كانت السبب الذي جر المآسي للشعب الفلسطيني في غزة.

طوال عامين من الدمار والمعاناة، ترك الشعب الفلسطيني في غزة لمصيره، بلا أمان ولا غذاء ولا دواء، فيما تحصن انصار الحركة داخل الأنفاق، محميين، ويوزعون الأموال على الأتباع في مغلفات مغلقة، بينما يموت الناس جوعا وعطشا في العلن.

تحت شعار “المقاومة”، مارست حماس بطشها بالشعب بدلا من مواجهة الاحتلال. الحرب التي ادعت أنها خاضتها لتحرير فلسطين، كانت في حقيقتها مفتعلة ومحدودة، نفذت خلالها الحركة عددا من العمليات العسكرية التي استخدمتها كغطاء إعلامي لإقناع الناس بأنها تقاتل، بينما الواقع يؤكد أن الشعب كان وقود الحرب الوحيد.

في الشوارع، يتحدث الناس عن تجار الحرب وعن سماسرة التحويلات المالية الذين اغتنوا باسم المقاومة، وعن فاسدين يبيعون المساعدات الغذائية في السوق السوداء، تحت غطاء من عناصر الحركة الذين يدعون حماية الأمن. في ظل هذه الفوضى، تكرس حماس حكمها كسلطة لا تحاسب، وتعيد القطاع إلى زمن الخوف والصمت.

إن ما تقوم به حماس اليوم ليس استعادة للنظام، بل استعادة للهيمنة. تحكم غزة بالحديد والنار، وتستثمر في معاناة الناس لتبرير وجودها. بعد أن أفقرتهم باسم الصمود، ودمرتهم باسم النصر، ها هي تعود وتتحدى الجميع وتقول، “أنا الحاكم الوحيد”.

لقد كشفت الحرب أن الشعب الفلسطيني ترك وحده في مواجهة الجوع والخراب، بينما انشغلت حماس في تثبيت مواقعها. وما يجري اليوم في شوارع غزة ليس انتصارا على الاحتلال، بل سيطرة على أنقاض وطن مدمر، تحكمه سلطة ترفع راية المقاومة وتطعنها في الوقت ذاته.

Post Views60 Total Count

تصفح المواضيع

اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Ethical Dimensions in the Digital Age

The Internet is becoming the town square for the global village of tomorrow.

الأكثر قراءة

هاشتاغ

عن زيتون نيوز

زيتون نيوز موقع اعلامي صادر عن مركز رام للدراسات العربية. مختص بالشؤون العربية في كندا، بالاضافة الى الاهتمام بأهم القضايا في الوطن العربي. وهو موقع مهني تشرف عليه الصحفية تغريد سعادة التي تعمل في الصحافة لما يزيد عن عقدين من الزمان.
يقع المكتب الرئيسي في مدينة ادمنتون / ألبرتا. ويعمل على تقديم تغطية شاملة، لكافة الأحداث السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية للعرب في كندا. 

آخر الأخبار

  • All Posts
  • About Us
  • English News
  • أخبار
  • تحقيقات
  • ثقافة
  • شؤون الجالية
  • شؤون عربية
  • لقاءات
  • مقالات
  • منوعات
    •   Back
    • About us
    •   Back
    • Art and Cinema
    • Interviews

أقسام

 Zaytoun News © 2024

error: Content is protected !!