سجل في القائمة البريدية

Edit Template

حين تصبح المطالبة بالحماية الدولية نكتة: بين خطاب عباس وسخرية المعارضة وضبابية المثقف

تغريد سعادة

منذ الأيام الأولى للحرب الإسرائيلية المدمرة على غزة، وتحديدا في 21 سبتمبر 2023، اي بعد الحرب بشهرين، وقف الرئيس الفلسطيني محمود عباس على منبر الأمم المتحدة مطالبا المجتمع الدولي بتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني. يومها، تلقف كثيرون هذا المطلب بسخرية، واعتبروه تعبيرا عن الضعف أو العجز، بل ونعت الخطاب بأنه “عار” و”استجداء”، من أقصى اليمين الفلسطيني حتى الكثير أصوات اليسار.

حينها قال عباس، “نطالب المجتمع الدولي والأمم المتحدة بتحمل مسؤولياتها، وتوفير الحماية الدولية لشعبنا الفلسطيني من بطش الاحتلال ومستوطنيه.” هذا الطلب، الذي يبدو بديهيا في ضوء المجازر التي ارتكبت لاحقا، لم يأخذ على محمل الجد من فصائل المعارضة الفلسطينية ولا من بعض النخب المثقفة، رغم كونه سابقة تسجل ضمن المحاولات القانونية والسياسية لحماية الفلسطينيين بوسائل غير مسلحة.

ما حدث أن المعارضة من إسلاميين إلى يساريين، وحتي يعض المثقفين، انشغلت بتقزيم الخطاب دون قراءة المرحلة أو تقدير خطر الانهيار الكلي للوضع الفلسطيني. كثير منهم لم يتجرأ على التفكير خارج ثنائية “المقاومة أو الخنوع”، وكأن لا مساحة للحلول السياسية أو الدبلوماسية، أو حتى للمقاربات القانونية في زمن المجازر.

اليوم، بعد مرور عامين على بدء الحرب، وبعد آلاف الشهداء والمجازر المتتالية التي وثقتها تقارير دولية، يتضح كم كان مطلب الحماية الدولية ضروريا بل ومنطقيا. المذابح، والقصف، وإطلاق النار المباشر على متظاهرين سلميين في الضفة، كلها تعيد طرح السؤال الذي حاول عباس طرحه منذ البداية، من يحمي الفلسطينيين؟ “أليس نحن بشر”.

في الكثير من المظاهرات التي حضرتها، كانت الهتافات سلمية، لكن الجنود كانوا يطلقون الرصاص الحي والمطاطي علينا دون مبرر. لم يكن الحدث في منطقة تماس، بل في قلب مدينة فلسطينية، ومع ذلك حضرت قوات الاحتلال من مسافة عشرات الكيلومترات لتقمع المتظاهرين وسقط المئات من الشهداء فيها. هذا المشهد يعكس أهمية مطلب الحماية الدولية، لا كترف سياسي، بل كضرورة وجودية.

نقد السلطة مشروع، ومساءلتها واجب، ولكن تحويل كل ما يصدر عنها إلى مادة للسخرية أو التقويض بدون فهم السياق والمرحلة، هو إسهام في إضعاف الموقف الفلسطيني. إن ما نحتاجه اليوم ليس فقط مقاومة الاحتلال، بل مقاومة الجهل السياسي، والتشكيك العبثي، وضبابية الرؤية التي تجعل من الشعب الفلسطيني ضحية مرة أخرى، لكن هذه المرة من ذويه ومثقفيه.

Post Views7 Total Count

تصفح المواضيع

اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Ethical Dimensions in the Digital Age

The Internet is becoming the town square for the global village of tomorrow.

الأكثر قراءة

هاشتاغ

عن زيتون نيوز

زيتون نيوز موقع اعلامي صادر عن مركز رام للدراسات العربية. مختص بالشؤون العربية في كندا، بالاضافة الى الاهتمام بأهم القضايا في الوطن العربي. وهو موقع مهني تشرف عليه الصحفية تغريد سعادة التي تعمل في الصحافة لما يزيد عن عقدين من الزمان.
يقع المكتب الرئيسي في مدينة ادمنتون / ألبرتا. ويعمل على تقديم تغطية شاملة، لكافة الأحداث السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية للعرب في كندا. 

آخر الأخبار

  • All Posts
  • About Us
  • English News
  • أخبار
  • تحقيقات
  • ثقافة
  • شؤون الجالية
  • شؤون عربية
  • لقاءات
  • مقالات
  • منوعات
    •   Back
    • About us

أقسام

 Zaytoun News © 2024

error: Content is protected !!