تغريد سعادة
خطاب حماس وهو خطاب إخواني واضح المعالم، يقوم على تخوين الجميع، الأنظمة – التي تعارض الاخوان ، كمصر والاردن، والمعارضين لها من اشخاص، وحتى من يختلف معهم في التفاصيل. إنها ثقافة بائسة تكررها أطراف من اليسار بشكل خاص للأسف، دون تمحيص أو تدقيق، كما رأينا في أزمة اتهام مصر بإعاقة دخول المساعدات لغزة، اثبت لاحقا عند البعض عدم صحتها حين اضطرت مصر للدفاع عن نفسها.
مشكلة الإخوان، التي تهيمن على جزء واسع من الإعلام العربي، أنهم يمتلكون شبكة واسعة من المواقع الإخبارية، بالاضافة الى مراكز الدراسات ومؤسسات حقوقية وجمعيات خيرية، إضافة إلى مواقع ومنابر تظهر بأسمائهم المباشرة أو من خلال واجهات أخرى. هذه المنظومة المعقدة مفهومة للمتخصصين، لكنها تمر على المواطن العادي دون أن يلحظها، خاصة في زمن السرعة حيث لا وقت للتحقق. وحتى بعض الشاشات العربية تساهم في خلق الارباك حين يستضيفون باحثين ومدراء مراكز، هم في حقيقتهم اخوان، يظهرون على الشاشات بمسميات اخرى تدعم خطاب حماس واخواتها.
كل هذا يتم تحت أعين الغرب والولايات المتحدة، اللذين ينظران إلى الإخوان كمشروع بديل جاهز. ومن السذاجة أن نستسلم لخطابهم التخويني، فنردد ما يقولونه، ونقبل بإقصاء كل من يخرج عن نصهم واتهامه بالعمالة والخيانة، أو بأنه يبرر حربا قتلت الشعب الفلسطيني في غزة.
الإخوان ومواقعهم الإعلامية لم يترددوا في نقل وترديد ما يقوله الاعلام العبري لإضعاف السلطة الفلسطينية منذ نشأتها، كما سارعوا إلى التشكيك في الوطنية والمشروع الوطني الفلسطيني، لأنهم يعتبرون أنفسهم البديل الحصري دون إخفاء ذلك. ولهذا، فإن التوقف عن مساندتهم ضرورة، ووضع روايتنا الوطنية في مواجهة روايتهم واجب.
وللذين يدافعون عن حماس دون تدقيق، إن السلاح والمقاومة التي تتحدثون عنها لم تحقق شيئا سوى تعطيل المشروع الوطني وتنفيذ الانقسام الفلسطيني. لقد هاجمت حماس السلطة الفلسطينية، واستندت في ذلك إلى الإعلام العبري، فيما كرر كثيرون وراءها الخطاب نفسه، ومن بينهم يسار بائس يصف نفسه بالديمقراطي، ويطالب بانتخابات، بينما يترك المجال لعدد من قيادات حماس في الخارج للحديث باسم القضية الفلسطينية.
لقد أعلنت حماس صراحة أنها تسعى إلى صفقة شاملة مع الاحتلال تتضمن مسارا سياسيا، وأنها تتحدث باسم الشعب والقضية. وقد عملت بكل الوسائل لإضعاف منظمة التحرير الفلسطينية، بل أنشأت مجلسا يحمل الاسم نفسه في قطر بهدف اختطاف كل شيء تحت شعار “الإصلاح والديمقراطية”.
وفي معركة الوعي لشعبنا الفلسطيني، فإن الحديث عن حماس واجب، بل فرض عين، والدفاع عن المشروع الوطني الفلسطيني الذي يحاول البعض الاستهانة به أمر بالغ الأهمية. بل إن ما يتردد من استهجان الحديث عن الدولة الفلسطينية وأهميتها في هذه المرحلة، بمعاونة إعلام الإخوان المتخفي والظاهر، هو استخفاف مقصود بها، ويتطابق تماما مع مخطط نتنياهو نفسه. وعندما يتلاقى مشروع الاحتلال مع مشروع جماعة، هنا نكون أمام صلب الخيانة والعمالة… ألا تعقلون؟
