تغريد سعادة
في ظل التفوق العسكري الإسرائيلي واحتلالها لغزة، واستمرار المجازر، وسياسة الاستيطان في الضفة الغربية بلا رادع، والدعم الأمريكي الكامل لها، ظل الفلسطينيون على الدوام ضعفاء وغير قادرين على التأثير في مجريات الأحداث. ومع مرور 18 عاما من الانقسام السياسي وسبع حروب متتالية، أصبحت غزة تعيش في وضعية دمار دائم، فيما فشلت حماس في تحقيق أي تغيير حقيقي على الأرض لصالح الفلسطينيين، بل ساهمت في إضعاف موقفهم بشكل كبير.
السياسات العسكرية والإدارية لحماس في قطاع غزة زادت من تدهور الوضع الفلسطيني، فهي التي اختارت المواجهة المسلحة دون مراعاة لموازين القوة، وأضعفت الشرعية الفلسطينية، وزادت من المعاناة الإنسانية في القطاع. نتيجة ذلك، أصبح الفلسطينيون غير قادرين على فرض أي إنجاز سياسي أو عسكري، وجعلوا أي اتفاقية انعكاسا لموازين القوة وليس لقدرتهم على التأثير.
جاءت خطة ترامب لتدعو إلى وقف الحرب ووقف الاستيطان ووقف التهجير. وقد صدر هذا القرار الأمريكي بعد عامين من عجز المجتمع الدولي عن إيقاف المجازر، وهدم المدن، وتشريد وتجويع المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة، وحتى المسيرات والاحتجاجات العالمية ضد المجازر لم تحدث فرقا. في هذا السياق، تمنح الخطة الفلسطينيين بعض الحقوق التي لم يكونوا قادرين على تحقيقها بأي وسيلة أخرى، لكنها تمثل في الوقت نفسه الحد الأدنى الممكن ضمن واقعهم الضعيف والمأزوم على الأرض.
تضمن الاتفاق تشكيل حكومة انتقالية فلسطينية لإدارة غزة، تحت إشراف دولي. قد يراه البعض كارثة، لأنه يقلل من استقلالية القطاع، لكن بعد 18 عاما من الانقسام وسيطرة حماس على القطاع، تبدو هذه الخطوة أقل الخسائر الممكنة لإعادة الاستقرار المدني والسياسي. اليد الفلسطينية، حتى ضمن إطار إشرافي دولي، تضمن إيصال المساعدات وحماية المدنيين وإعادة بناء ما تهدم.
الحرب الأخيرة لم تتوقف إلا برؤية ترامب وقراره، مما يعكس كيف يسيطر العالم، خصوصا القوى الكبرى، على مجريات الأحداث. القرار وضع حدا لاستمرار التدمير وقتل المدنيين الفلسطينيين، وفتح نافذة لإيصال المساعدات المباشرة ووقف المجازر.
ان خطة ترامب تعكس واقع القوة. ومع ذلك، فإن وقف الحرب ووقف الاستيطان ووقف التهجير يمثل إنجازا حقيقيا للفلسطينيين، يمنحهم فرصة نادرة للحفاظ على حياة المدنيين وإعادة ترتيب قطاع غزة المدمر، وإعادة السلطة الفلسطينية جزئيا إلى المشهد السياسي في غزة. الفهم الواقعي لهذا السياق يسمح بتقدير الصمود الفلسطيني وسط قوة الاحتلال والدعم الأمريكي، ودور حماس السلبي في تدهور الوضع.
72 Total Count
