سجل في القائمة البريدية

Edit Template

طهران الخيار الاستراتيجي لحماس

تغريد سعادة

في 23 يونيو 2025، استهدفت إيران بصواريخ باليستية قاعدة العديد الأميركية في قطر، في إطار التصعيد العسكري بين طهران وواشنطن في المنطقة. ورغم أن الهجوم وقع على أرض دولة عربية تعد من أبرز حلفاء حماس، إلا أن الحركة التزمت الصمت ولم تصدر أي بيان يدين الهجوم أو حتى يعبر عن التضامن مع قطر.

هذا الصمت لا يمكن اعتباره موقفا محايدا، بل يحمل في طياته رسائل سياسية واضحة تؤكد أن حركة حماس تعلن تحالفها الاستراتيجي مع إيران على حساب علاقاتها مع قطر، التي وفرت لها مظلة دعم استمرت نحو عقدين.

منذ عام 2007، عندما اختارت الحركة الانقسام عن الضفة، وحسمت عسكريا خيارها في غزة، كانت قطر من بين الدول الوحيدة التي دعمتها الى جانب تركيا. وتعززت العلاقة بين حماس وقطر في عامي 2008 و 2009 بعد الحرب الاسرائيلية على القطاع، ودعوة امير قطر انذاك لرئيس الحركة خالد مشعل لحضور قمة قطر، وجلوسه بجانب امير البلاد انذاك حمد ال ثان. وتعهد باموال تدعم اعادة البناء لغزة، كما اعقبه زيارة ال ثان وزوجته للقطاع عام 2012 والتي شكلت سابقة لزيارة زعيم عربي لغزة .

وفي اعقاب هذه الزيارة التي وصفت بالتاريخية فتحت الدوحة ابوابها للحركة، حيث استضافت قادتها وعلى رأسهم إسماعيل هنية، وقدمت دعما ماليا شهريا بقيمة 30 مليون دولار لغزة، بتنسيق مع الأمم المتحدة وإسرائيل، لتغطية رواتب الموظفين، وشراء الوقود، ودعم الأسر المحتاجة.

كما لعبت قطر دور الوسيط الرئيسي بين حماس وإسرائيل في فترات التهدئة والتصعيد، بما في ذلك الحرب الأخيرة على غزة.

غير أن الهجوم الإيراني الأخير على قاعدة العديد، وما تبعه من غياب أي تضامن أو حتى إدانة خجولة من حماس، احدث ارباكا عند المراقبين السياسيين وحول علاقة حماس بقطر، وماذا يعني هذا الصمت؟

من الواضح ان ايران تمثل لحماس عمقا استراتيجيا وعسكريا لا يمكن الاستغناء عنه. وكانت ايران قد دعمت الحركة مند نشأتها عام 1987 الا ان هذا الدعم تطور الى الدعم المالي واللوجستي عام 2014 وفقا لمصادر وتقارير امنية.

ووفرت ايران لحماس تكنولوجيا التصنيع العسكري والتمويل وفقا لاحد تصريحاتها هنية، بلع شهريا 70 مليون دولار، اضافة الى تدريب عناصر حماس في الخارج.

وفي هذا السياق، يمكن قراءة صمت حماس على أنه رسالة ولاء لإيران، حتى على حساب الحليف القطري. فالحركة اختارت أن لا تغضب طهران، ولو كان الثمن إظهار الجفاء أو البرود تجاه دولة مثل قطر، التي لم تكتفِ بالدعم المالي والسياسي، بل كانت تشكل منصة دولية للدفاع عن الحركة.

وهذا ايضا يعيدنا الى القرار الذي اخذته قطر العام الماضي بعد الضغوطات الامريكية، باخراج الحركة من الدوحة، وكان بالفعل قد بدات قيادات حماس بالبحث عن اماكن اخرى للتواجد فيها مثل موريتانيا وايران. الا ان عدم انتهاء حرب السابع من اكتوبر ومحاولة قطر لعب دور سياسي ووسيط فيها اجل القرار بعض الشيء، حيث نسمع عن تواجد قيادات حماس بالدوحة بسبب المفاوضات الجارية مع اسرائيل وامريكا.

وعلى الرغم ان البعض قد يرى أن حماس تحاول التوازن بين دعم قطر السياسي ودعم إيران العسكري، لكن الوقائع تؤكد العكس. فالصمت تجاه استهداف الأراضي القطرية، في لحظة تمس سيادة الدولة وكرامتها، لا يمكن وصفه بالتوازن، بل انحياز واضح لطهران. ويؤكد أن الحركة ترى في إيران حليفها الاستراتيجي الأول، بعد قرار الدوحة ابعاد قيادات الحركة وهو ما سيكون بعد انتهاء حرب السابع من اكتوبر.

ومن هنا يبدو ان حماس كشفت عن تحالفها مع إيران والذي لم يعد خيار تكتيكي بل أصبح ركيزة استراتيجية عند الحركة. أما قطر، رغم كل ما قدمته، فقد أصبحت بالنسبة لحماس شريكا يمكن تجاوز خاصة بعد قرار الدوحة وبضغط امريكي باخراج قيادات الحركة من قطر.

Post Views2 Total Count

تصفح المواضيع

اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Ethical Dimensions in the Digital Age

The Internet is becoming the town square for the global village of tomorrow.

الأكثر قراءة

هاشتاغ

عن زيتون نيوز

زيتون نيوز موقع اعلامي صادر عن مركز رام للدراسات العربية. مختص بالشؤون العربية في كندا، بالاضافة الى الاهتمام بأهم القضايا في الوطن العربي. وهو موقع مهني تشرف عليه الصحفية تغريد سعادة التي تعمل في الصحافة لما يزيد عن عقدين من الزمان.
يقع المكتب الرئيسي في مدينة ادمنتون / ألبرتا. ويعمل على تقديم تغطية شاملة، لكافة الأحداث السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية للعرب في كندا. 

آخر الأخبار

  • All Posts
  • About Us
  • English News
  • أخبار
  • تحقيقات
  • ثقافة
  • شؤون الجالية
  • شؤون عربية
  • لقاءات
  • مقالات
  • منوعات
    •   Back
    • About us

أقسام

 Zaytoun News © 2024

error: Content is protected !!