معروف الرفاعي
على مدى يومين كاملين، شهدت شبيبة حركة فتح واحدة من أبرز محطّاتها الديمقراطية، حيث أُجريت انتخابات داخلية في أجواء عكست روح المسؤولية والانتماء، وبرعاية وحضور ومتابعة دقيقة من رئيس الحركة الأخ محمود عباس “أبو مازن” وقيادة الصف الأول، وقد بدت عملية الاقتراع وما رافقها من نقاشات وتفاعلات نموذجاً يُحتذى في العمل التنظيمي، ابتعد عن الحسابات الجغرافية والمناطقية، وركّز على المصلحة العليا للحركة ومسؤولياتها الوطنية.
ومن أبرز نتائج هذا الاستحقاق فوز إسراء، ابنة الشهيد مروان زلوم، بأعلى الأصوات، في مشهد حمل رمزية عميقة لدى أبناء الحركة، وأعاد التأكيد على أن إرث الشهداء والأسرى والمناضلين حاضر في الوجدان الجمعي الفتحاوي، وأن الجيل الجديد ما زال يرى في هذا الإرث بوصلته نحو المستقبل.
شبيبة واعية… ومواصلة لمسيرة 60 عاماً من العطاء
أكدت نتائج الانتخابات، وما أفرزته من طاقات شابة، أن الحركة التي حملت راية الكفاح الوطني لأكثر من ستة عقود، ما زالت قادرة على تجديد دمائها وتطوير أدواتها، وأن الطريق الطويل من التضحيات لم يكن عبثاً، بل أسّس لوعي سياسي وتنظيمي ينعكس اليوم في أجيال جديدة تتحمل مسؤوليات المرحلة وتستعد لخوض تحديات قادمة أكثر صعوبة.
هذا الحضور القوي للشبيبة الفتحاوية أعاد التذكير بالدور التاريخي للحركة في قيادة المشروع الوطني، وبقدرتها على البقاء في مقدّمة المشهد طالما حافظت على وحدتها الداخلية وروحها الديمقراطية.
آفاق المرحلة المقبلة
تضع هذه الانتخابات أمام الشبيبة المنتخبة مجموعة من الأولويات التي تشكّل ركائز أساسية لاستمرار العمل وتطويره، من أبرزها:
تنظيم العمل الطلابي في الجامعات بما يعزز حضور الشبيبة ودورها التوعوي والوطني.
تفعيل طاقات الشباب داخل الحركة عبر مبادرات وبرامج مدروسة تعكس احتياجات الجيل الجديد وتطلعاته.
إعداد خطة عمل قابلة للتنفيذ، واقعية ومحددة الأهداف، تستند إلى رؤية واضحة للمراحل القادمة.
المساهمة في الاستحقاقات التنظيمية الكبرى، وعلى رأسها المؤتمر العام الثامن، الذي بات انعقاده ضرورة لتجديد البنى التنظيمية وتعزيز الفاعلية الداخلية.
لقد جاء هذا العرس الديمقراطي ليثبت أن الروح الفتحاوية ما زالت قادرة على التجدد، وأن الحركة التي قدّمت الشهداء والأسرى وقادت النضال لعقود طويلة، ما زالت تمتلك من الطاقات والكوادر والشباب ما يجعلها مستعدة لعبور الظروف الصعبة التي يمر بها شعبنا.
إن نجاح هذا الاستحقاق ليس نهاية الطريق، بل بداية مرحلة جديدة تتطلّب مسؤولية عالية، وعملاً منظماً، ورؤية تجمع بين خبرة القيادات واندفاع الشباب، خدمةً لمصالح الحركة وللقضية الوطنية في آن واحد.
