سجل في القائمة البريدية

Edit Template

عن المماطلة الأميركية والإسرائيلية في وقف الحرب على غزة

تغريد سعادة

في خطابه الأخير، وجه أبو عبيدة، الناطق العسكري باسم كتائب القسام، رسالة واضحة للاحتلال الإسرائيلي: إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق شامل، فإن المقاومة ستنتقل إلى مرحلة حرب استنزاف. هذا التصريح لم يأتِ من فراغ، بل جاء في سياق سياسي وإعلامي تهيمن عليه حالة من الخداع المنهجي، تقودها الولايات المتحدة وإسرائيل، عبر تصريحات متكررة عن “قرب التوصل لاتفاق”، دون أن تثمر عن شيء على أرض الواقع.

منذ أشهر، تتوالى التصريحات الأميركية التي تبشر الفلسطينيين والعالم بأن الهدنة “قريبة”. قال دونالد ترامب قبل ايام “نحن على بُعد أيام من اتفاق عظيم سيجلب الهدوء إلى غزة.”

وايضا قبل ايام نقلت وكالة رويترز للانباء عن مسؤول في البيت الأبيض قوله: “المفاوضات وصلت إلى مرحلة متقدمة جدا، ونعتقد أن الاتفاق بات قاب قوسين أو أدنى.”

لكن الواقع على الأرض يكذب كل هذه التصريحات. فالعدوان الإسرائيلي مستمر، والمجازر تتواصل يوميا، بينما يعيش نحو مليوني فلسطيني في غزة تحت القصف والجوع والنزوح. لا اتفاق، ولا تهدئة، بل استغلال أمريكي إسرائيلي لاستنزاف شعبي واسع لما تبقى من صمود في القطاع المحاصر.

والمجاعة اصبحت واقعا مفروضا. وفقا لتقارير منظمات الإغاثة الدولية، فإن أكثر من 90% من سكان القطاع يواجهون نقصا حادا في الغذاء، ويعتمدون بشكل شبه كامل على المساعدات. لكن هذه المساعدات إما تمنع أو تؤخر بشكل ممنهج عند الحواجز الإسرائيلية. منظمة “أنقذوا الأطفال” وثقت وفاة عشرات الأطفال نتيجة الجوع ونقص التغذية، فيما ذكرت وكالة الأونروا أن هناك أكثر من 600,000 شخص في شمال غزة يعيشون في ظروف تصنف ضمن “المجاعة الكاملة” حسب تصنيفات برنامج الأغذية العالمي. تقارير المستشفيات تظهر تفشي أمراض سوء التغذية الحادة بين الأطفال والنساء الحوامل، وسط غياب تام للمكملات الغذائية الأساسية.

يأتي كل هذا في وقت تتعرض فيه حكومة بنيامين نتنياهو لضغوط داخلية، وتسعى جاهدة لتأجيل أي تسوية سياسية تجبرها على التراجع الميداني. وفي هذا السياق، تلعب واشنطن دورا غير نزيه، يهدف إلى تخفيف الاحتقان العربي والدولي، وإيهام الرأي العام بأن هناك جهودا حقيقية تبذل، بينما تمنح إسرائيل الغطاء السياسي والعسكري الكامل.

حتى الاتحاد الأوروبي، الذي حاول أن يظهر بمظهر “الوسيط الإنساني”، ضغط من أجل إدخال مساعدات إنسانية إلى القطاع، وفتح ممرات آمنة للغذاء والدواء. وفعلا، سمحت إسرائيل لبعض الشحنات بالدخول مؤقتا، ثم توقفت فجأة دون أي توضيح، تاركة المستشفيات في شمال غزة تنهار، والأطفال يموتون من الجوع. ما حصل لا يفسر إلا كونه جزءا من مسرحية تضليل ممنهجة، يستخدم فيها الصوت الأوروبي لتجميل صورة الاحتلال، دون أن يترتب على ذلك أي التزام حقيقي بوقف الإبادة الجماعية أو محاسبة المسؤولين عنها.

واكد المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي في المناطق الفلسطينية شادي عثمان، أن إسرائيل لم تنفذ الاتفاق المتعلق بإدخال المساعدات إلى مختلف مناطق غزة، مشيرا إلى استمرار الاتصالات والجهود مع جميع الأطراف لتطبيقه.

نتنياهو اكد قبل يومين “لن نقبل بأي اتفاق لا يحقق شروط إسرائيل الأمنية كاملة، والعمليات ستستمر حتى تحقيق كل الأهداف.”

إن الاستمرار في هذا النهج، دون ضغط حقيقي، يعني مزيدا من الدماء، ومزيدا من الخداع للشارع الفلسطيني والعربي.

لقد آن الأوان لمساءلة الخطاب الأميركي، والاعتراف بأنه لم يكن يوما وساطة نزيهة، بل شريكا صريحا في الحرب. وما لم يتحرك المجتمع الدولي خارج مظلة واشنطن، فإن المجازر لن تتوقف، والحديث عن “هدنة وشيكة” سيظل مجرد وهم سياسي، ودعاية قاتلة.

والحرب يجب أن تتوقف وفورا ودون شروط.

Post Views37 Total Count

تصفح المواضيع

اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Ethical Dimensions in the Digital Age

The Internet is becoming the town square for the global village of tomorrow.

الأكثر قراءة

هاشتاغ

عن زيتون نيوز

زيتون نيوز موقع اعلامي صادر عن مركز رام للدراسات العربية. مختص بالشؤون العربية في كندا، بالاضافة الى الاهتمام بأهم القضايا في الوطن العربي. وهو موقع مهني تشرف عليه الصحفية تغريد سعادة التي تعمل في الصحافة لما يزيد عن عقدين من الزمان.
يقع المكتب الرئيسي في مدينة ادمنتون / ألبرتا. ويعمل على تقديم تغطية شاملة، لكافة الأحداث السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية للعرب في كندا. 

آخر الأخبار

  • All Posts
  • About Us
  • English News
  • أخبار
  • تحقيقات
  • ثقافة
  • شؤون الجالية
  • شؤون عربية
  • لقاءات
  • مقالات
  • منوعات
    •   Back
    • About us

أقسام

 Zaytoun News © 2024

error: Content is protected !!