سجل في القائمة البريدية

Edit Template

عن “طوفان الأقصى”

تغريد سعادة

في السابع من أكتوبر 2023، نفذت حركة حماس عملية غير مسبوقة على حدود غزة، أطلقت عليها اسم “طوفان الأقصى”. وقد وصفت العملية بأنها الأكبر منذ عقود، إذ شملت اقتحام عشرات من عناصرها لحدود الخط الاخضر، واستطاعوا أسر المئات من الإسرائيليين، بينهم جنود ومدنيون.

في الخطاب السياسي والإعلامي للحركة، قدمت العملية باعتبارها “بداية تحرير فلسطين”، وتحدث قادة حماس، سياسيون وعسكريون، بلغة حاسمة عن نهاية مرحلة الاحتلال، وبداية “الزحف إلى القدس”. وفي المقابل، رأى فيها البعض ضربة قاسية للمنظومة الأمنية الإسرائيلية التي بدت عاجزة في لحظة الصدمة.

ورغم الصدمة الأولية، سرعان ما بدأت أصوات إسرائيلية، من داخل المؤسسة العسكرية والإعلامية تطرح أسئلة: كيف تمكنت حماس من تنفيذ عملية بهذا الحجم دون رصد استخباراتي؟ ولماذا لم تكن هناك استجابة فورية من الجيش رغم التحذيرات المسبقة؟

تزايدت الشبهات حول وجود إهمال جسيم أو تواطؤ سياسي، خصوصا في ظل الأزمة السياسية التي كان يعيشها رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، الذي واجه احتجاجات واسعة بسبب محاولات تمرير “إصلاحات قضائية” تهدد استقلال القضاء، إضافة إلى تهم فساد معلقة منذ سنوات.

رغم هذه الأسئلة المتكررة، رفض نتنياهو حتى وقت قريب تشكيل لجنة تحقيق مستقلة حول فشل جيشه والاستخبارات في منع الهجوم أو حتى التعامل معه في ساعاته الأولى، مكتفيا بالقول: “لن أبدأ أي تحقيق الآن، أولا يجب أن نهزم حماس”.

وفي تطور لافت، تحدث نتنياهو امس للمرة الأولى بشكل واضح عن ملف التحقيق في أحداث 7 أكتوبر، وذلك خلال مقابلة مصورة أعدها فريقه، تلاها اجتماع مغلق مع لجنة الأمن القومي في الكنيست.

وخلال المقابلة، أنكر مسؤوليته الشخصية عن الهجوم، ملقيا اللوم على الأجهزة الأمنية، قائلا: “لم يتم تحذيري قبل 7 أكتوبر… أخبروني مرارا أنه ليست هناك تهديدات وشيكة”.

وفي مداولاته داخل الكنيست، صرح بأنه لا يمانع التحقيق، لكنه يفضل أن يتم “بعد انتهاء الحرب”، مؤكدا أنه سيشكل لجنة تمثل مختلف الكتل السياسية لضمان الثقة العامة.

المحلل الأمني أمنون أبراموفيتش قال في القناة 12 العبرية، “نتنياهو لا يمانع تدمير غزة، لكنه يمانع كشف من ترك الحدود مكشوفة. لجنة التحقيق هي نهايته السياسية”.

لكن الثمن الأكبر دفعه المدنيون الفلسطينيون في قطاع غزة. فالهجوم الإسرائيلي الذي تلا “طوفان الأقصى” كان الأعنف منذ عقود، وأسفر عن مقتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين، أغلبهم من الأطفال والنساء. وتدمير واسع للبنية التحتية في قطاع غزة، بما يشمل المدارس والمستشفيات والمساجد والمنازل. وإعادة احتلال أجزاء من القطاع، خاصة في الشمال والمحيط الشرقي. وتهجير داخلي جماعي شمل أكثر من مليون ونصف نازح فلسطيني.

يبدو أن السابع من أكتوبر لم يكن فقط بداية حرب على غزة، بل مقدمة لإعادة رسم المشهد الإقليمي. فقد تزامنت العمليات مع اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله، وسقوط مفاجئ للنظام السوري بشار الأسد، من دون مقدمات، ما يشير إلى ترتيبات إقليمية تتجاوز حدود غزة ولبنان وسوريا.

الوقت وحده كفيل بكشف الأضرار الكاملة لـ”طوفان الأقصى”، لكن من الواضح أن حماس ستبعد عن حكم غزة. هناك توافق عربي وأوروبي واضح على رفض بقائها في السلطة، فيما تصر إسرائيل على منع أي وجود سياسي أو عسكري للحركة داخل القطاع.

وفي الوقت نفسه تكرر الحركة على لسان قياداتها، انها قدمت حلا سياسيا شاملا يتضمن هدنة طويلة الامد، الامر الذي يشي بمحاولاتها الالتفاف عن كل المطالب لترك حكم غزة.

Post Views10 Total Count

تصفح المواضيع

اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Ethical Dimensions in the Digital Age

The Internet is becoming the town square for the global village of tomorrow.

الأكثر قراءة

هاشتاغ

عن زيتون نيوز

زيتون نيوز موقع اعلامي صادر عن مركز رام للدراسات العربية. مختص بالشؤون العربية في كندا، بالاضافة الى الاهتمام بأهم القضايا في الوطن العربي. وهو موقع مهني تشرف عليه الصحفية تغريد سعادة التي تعمل في الصحافة لما يزيد عن عقدين من الزمان.
يقع المكتب الرئيسي في مدينة ادمنتون / ألبرتا. ويعمل على تقديم تغطية شاملة، لكافة الأحداث السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية للعرب في كندا. 

آخر الأخبار

  • All Posts
  • About Us
  • English News
  • أخبار
  • تحقيقات
  • ثقافة
  • شؤون الجالية
  • شؤون عربية
  • لقاءات
  • مقالات
  • منوعات
    •   Back
    • About us

أقسام

 Zaytoun News © 2024

error: Content is protected !!