تغريد سعادة
في أعقاب اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه بوساطة أمريكية، بدأت حركة حماس في إعادة تموضع قواتها في قطاع غزة، مما أثار تساؤلات حول نواياها المستقبلية. التحركات الأخيرة تشير إلى أن الحركة قد تكون بصدد تنفيذ خطة استراتيجية تهدف إلى تعزيز سيطرتها الميدانية، وهو ما قد يؤدي إلى تصاعد التوترات الداخلية.
بعد الهدنة، أفادت تقارير بأن حماس أعادت نشر عناصرها الأمنية والمسلحة في مناطق متعددة من غزة، بما في ذلك المناطق الحدودية والمناطق ذات الكثافة السكانية العالية. هذا الانتشار الواسع يشير إلى رغبة الحركة في تأكيد سيطرتها على الأرض. كما نفذت الحركة عمليات استهداف واعتقالات وإعدامات ميدانية بحق من تتهمهم بالمتعاونين أو الذين يشكلون تهديدا لنفوذها منذ اليوم الاول لوقف الحرب. هذا السلوك يفسر كجزء من محاولة إحكام السيطرة وقطع أي قنوات لتمركز قوة موازية في المستقبل.
تتضمن المرحلة الثانية من خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسلام في غزة عدة بنود، أبرزها نزع سلاح الفصائل المسلحة، بما في ذلك حماس، وتشكيل حكومة تكنوقراطية لإدارة القطاع. ومع ذلك، تشير التصريحات الصادرة عن حماس إلى رفضها القاطع لتسليم سلاحها، مما يهدد بتعثر تنفيذ هذه الخطة ويزيد من احتمالات التصعيد العسكري.
و من أبرز القضايا العالقة في اتفاق وقف إطلاق النار هو ملف الجثامين الاسرائيليين. حتى الآن، لم تسلم حماس جميع جثامين الأسرى الإسرائيليين الذين قضوا أثناء احتجازهم، مما أثار استياء واسعا في إسرائيل وأدى إلى تهديدات باستئناف العمليات العسكرية. هذا الملف يعد اختبارا حقيقيا لجدية حماس في تنفيذ التزاماتها، وقد يكون له تداعيات كبيرة على استقرار الوضع في غزة.
على الصعيد الإنساني، يعاني سكان غزة من أوضاع مأساوية، بما في ذلك نقص في المواد الغذائية والدوائية، بالإضافة إلى تدمير واسع للبنية التحتية. الاستمرار في إغلاق المعابر وعدم تنفيذ مشاريع الإعمار يزيد من معاناة المدنيين، وقد يدفعهم إلى اتخاذ قرارات صعبة، مثل الهجرة أو الانخراط في صراعات داخلية.
كما ان مطالب الدول الاوروبية والاسلامية والعربية ووفقا لخطة ترامب تشترط تخلي حركة حماس عن السلطة في قطاع غزة لإعادة إعمار ما دمرته الحرب. هذا الموقف ، قد يؤدي إلى تعطيل مشاريع الإعمار وعرقلة أي جهود لإعادة بناء البنية التحتية والخدمات الأساسية للمدنيين، ومما يفاقم معاناة السكان ويزيد من هشاشة الوضع الامني في القطاع.
الوضع في غزة بعد وقف إطلاق النار يظل هشا ومعرضا للتقلبات. إذا استمرت حماس في تعزيز سيطرتها المسلحة ورفض تنفيذ بنود اتفاق خطة ترامب، فإن ذلك قد يؤدي إلى تصاعد الصراعات الداخلية، مما يهدد بتفكيك النسيج الاجتماعي والوطني في القطاع.
22 Total Count
