تغريد سعادة
تشهد الساحة السياسية الكندية تحولات لافتة مع انتقال نواب منتخبين من حزب المحافظين إلى الحزب الليبرالي الحاكم، في لحظة دقيقة تقف فيها حكومة رئيس الوزراء مارك كارني على بعد مقعد واحد فقط من تشكيل حكومة أغلبية.
وأعلن النائب “مايكل ما” في أونتاريو، أنه ترك حزب المحافظين وانضم إلى الحزب الليبرالي الحاكم، وقبل ذلك انشق النائب كريس دانتريمون عن حزب المحافظين وانضم إلى الحزب الليبرالي في نوفمبر الماضي. اما النائب مات جينيرو استقال من منصبه ولم ينضم رسميا لليبيراليين، لكنه ترك الحزب المحافظ وسط تكهنات حول توجهاته المستقبلية.
لكن لماذا ينجذب النواب المحافظون إلى حكومة كارني؟
معروف تاريخيا ان كندا ليست دولة يمين تقليدي مثل الولايات المتحدة، بل تميل إلى السياسات الوسطية والخدمات العامة، والتعددية الثقافية، وهذا يصب تاريخيا في مصلحة الليبراليين. ومنذ عام 1896، تاسيس الدولة وحتى اليوم فان الليبراليون حكموا كندا أكثر من 70% من الوقت.
كما يرى مراقبون ان رئيس الوزراء الليبرالي مارك كارني يقدم نفسه كنقيض للسياسة الشعبوية، ويحمل خطاب اقتصادي هادئ ومهني. يركز على الاستقرار في محاولة لإعادة الثقة بالأسواق والطبقة الوسطى.
كما انه بالنسبة لبعض النواب المحافظين، خاصة في دوائر كبيرة مثل تورونتو الكبرى، البقاء في حزب معارض متوتر داخليا قد يكلفهم سياسيا في الانتخابات المقبلة. وثمة إحساس برلماني عام بأن حكومة كارني، رغم كونها حكومة أقلية، تمثل خيار الاستقرار في مرحلة دولية واقتصادية حساسة.
اللافت أن مبررات النواب المنشقين تكاد تتطابق، “الوحدة”، “الاستقرار”، “النهج العملي”، و”الابتعاد عن الاستقطاب”. هذه ليست شعارات عاطفية، بل مفردات راسخة في الثقافة السياسية الكندية، وغالبا ما تحسم اتجاهات النواب المستقلين والمترددين.
المثير في الموضوع ان حكومة كارني اصبح لديها الان 171 مقعدا من أصل 343، وتحتاج 172 لتكون حكومة أغلبية. وعلى الرغم انه ليست ثمة مؤشرات لوجود نائب جديد قد يضمن لها هذه الاغلبية الا ان حكومة كارني تبدو مستقرة برلمانيا، وقادرة على تمرير الميزانيات، وأقل عرضة للابتزاز السياسي من أحزاب المعارضة. ويبدو ان البلد تدخل مرحلة الاستقرار او كما نقول عودة إلى النمط الكندي المألوف، ليبراليون يحكمون، ومحافظون يعانون من أزمة، ونواب يختارون البقاء في منطقة الوسط حيث توجد السلطة والاستقرار.
