تغريد سعادة
ما يختلط على الكثيرين، هو الخلط بين حق الفلسطيني في النضال ومقاومة الاحتلال، وبين استغلال هذا الحق لإرساء حكم إسلامي تهيمن عليه فصيل ذات مرجعيات خارجية. هذا ما تقوم به حماس، تستغل شعار المقاومة لتثبيت نفوذها السياسي، وتجدد مواقفها بطريقة تسهِم في الإطباق على المؤسسة الوطنية وعلى منظمة التحرير الفلسطينية.
ثمة فرق واضح بين حماس والجهاد الإسلامي. وكلاهما تنظيم اسلامي. الجهاد الاسلامي تنظيم فلسطيني خرج من رحم القضية الفلسطينية، وبالرغم من منهجيته فإنه لم يسع إلى انقلاب على منظمة التحرير أو إلغاء دورها. إنه فصيل فلسطيني يستجيب للواقع، يبدي تعاونا داخليا ويتمسك بخطة واضحة للمقاومة. أما حماس فاتبعت مسارات إخوانية ونموذج علاقات إقليمية، أدت إلى سياسات داخلية انتقائية تخدم مصالحها بالدرجة الأولى.
استخدمت حماس أداة المقاومة، وهي أداة مشروعة في مواجهة الاحتلال، لأهداف سياسة. هذا الاستغلال دفع الجهاد الإسلامي أحيانا إلى الصدام معها، بينما تبقى حماس انتقائية وتقيد عمل من حولها عندما لا يتناسب مع مصالحها. لقد بلغ الصراع الداخلي حد العنف والدم بين الفصيلين الاسلاميين، اثرت فيه حركة الجهاد الاسلامي التركيز على الهدف ومقاومة الاحتلال.
وبرغم كل ما جرى وبرغم اشتراطات الدول العربية والإسلامية والأوروبية بإزاحة حماس عن الحكم، واختفائها من المشهد بعد الضرر الذي احدثته للشعب الفلسطيني، يبدو أن حماس تستعد للجولات القادمة. بالأمس قال عضو المكتب السياسي للحركة محمد نرال، “الانتخابات هي التي ستحدد من سيحكم الشعب الفلسطيني ومن يدير شؤونه… نحن لن نفرض أنفسنا بقوة السلاح أو بواقع الأمر، الانتخابات هي التي ستحدد الوجه المقبل لمن سيدير الشعب الفلسطيني.” عبارات واضحة تحمل تهديدا مبطنا للمستقبل السياسي للفلسطينيين، خصوصا عبارة «لن نفرض أنفسنا بقوة السلاح»! وهي التي تحاول ان تقنع الجموع ان هذا الساح لخدمة الشعب الفلسطيني. والتجربة كانت واضحة انها لم تحمي الشعب، واثرت الاختباء في الانفاق حفاظا على جيشها، وجعلت الشعب الفلسطيني يدفع الثمن لوحده!! وتقوم بعمليات متفرقة لتظهر للبعض انها تقاوم!!!!!
حماس، التي تعلن مرارا وتكرارا، ومنذ لقائي مع مؤسسها الشيخ أحمد ياسين، وحينها خصني بسبق صحفي عن قبول حماس لاول مرة بهدنة طويلة الامد مع الاحتلال نهاية تسعينيات القرن الماضي، تتبني خطاب الهدنة، تبدو راغبة في التوصل إلى اتفاق مع الاحتلال على أسس تضمن بقاءها في الحكم وترسخ نظاما إخوانيا يخدم مصالحها.
من يدافع عن حماس بوصفها حاملة خيار المقاومة وحده، يغفل أن هذا الخيار أُسيء استخدامه أحيانا بدعم خارجي إخواني وغير فلسطيني، لتحقيق أهداف وترتيبات مع الاحتلال على نحو يخدم مشاريعها الخاصة. التحول الذي أحدثته سياسات حماس في حياة الفلسطينيين أثر في مناطق واسعة، وحول الانقسام إلى معاناة طويلة وحالة دائمة من التوتر، بينما تتربع هي على قمة المشهد السياسي معتقدة أن عملياتها العسكرية والسياسية هي باب النجاة.
