سجل في القائمة البريدية

Edit Template

لا تمنحوا أحدا حق احتكار فلسطين باسم “المقاومة”

تغريد سعادة

إلى الشعبين الأردني والمصري على وجه الخصوص، اللذين كانا دائما العمق الشعبي والتاريخي لفلسطين، واللذين يواجهان اليوم محاولات خطيرة لتشويه مواقفهما الوطنية عبر خطاب حزبي مشوه يتسلل من بوابة “المقاومة”.

في لحظة من الفوضى الإعلامية، ووسط شعارات عالية النبرة، يجري تمرير مشروع لا يخدم فلسطين بل يخدم جماعة، مشروع يهاجم الدول العربية الوطنية، ويزرع الشك في كل من لا يساير خطه، ويوهم الجماهير بأن “من ليس معنا، فهو ضد فلسطين”.

في كل مرة انتقدنا فيها حماس أو خطابها، قيل لنا إننا نخدم العدو، وإننا نفرط بالمقاومة. لكننا لم ننتقد المقاومة، بل دافعنا عنها من التوظيف و من التزييف. نقدنا لم يكن تخليا عن فلسطين، بل رفضا لاختزالها في تنظيم لا يقبل الشراكة، ولا يحتمل الرأي الآخر، ويسعى لفرض مشروعه بقوة السلاح والإعلام.

المقاومة ليست حكرا على جماعة، وفلسطين لا تنطق بلسان واحد، ولا تمثل بتنظيم له تاريخ طويل من المساومات والانقلابات على مواقفه حسب مصلحة الجماعة، لا مصلحة الوطن.

منذ عملية 7 أكتوبر، حاولت حماس رسم مشهد النصر الكامل، رغم أن النتائج على الأرض كانت كارثية، مليونان من الغزيين عانوا الجوع، والقتل، والدمار، وأعيد احتلال القطاع فعليا، ومأساة إنسانية لم تشهد لها فلسطين مثيلا.

كنت من الذين تابعوا عن كثب الهجوم المستمر على مصر، وكيف تم الترويج بأنها شريكة في حصار غزة، وأنها تغلق المعابر وتخدم مصالح الاحتلال.

وحين كنت أقول إن مصر ليست شريكا في الحصار، وإن الاحتلال هو من يتحكم بالميدان، اتهمت بأنني أدافع عن الباطل.

لكن الأيام أثبتت أن مصر هي من رفضت التهجير، ودافعت عن وحدة الأرض الفلسطينية، وقدمت الدعم الإنساني رغم الهجمات الممنهجة عليها وهي لم تكن شريكة في اغلاق المعبر الذي يسيطر عليه الاحتلال من الجانب الفلسطيني.

الخطير أن هذا التشويه انتقل إلى الشارع، واستقبله الناس دون تمحيص، لأنهم صدقوا من يرفع راية المقاومة، ولم يدققوا في مشروعه السياسي الذي يستهدف الدولة الوطنية المصرية.

الأمر نفسه في الأردن، الذي يواجه حملات تشكيك رغم موقفه الثابت في رفض التهجير والتوطين.
ورغم أنه أكثر الدول تمسكا بحقوق الفلسطينيين، إلا أن حماس لا تتوانى عن محاولة اختراقه أمنيا، كما ثبت منذ نحو شهرين، حين اكتشف الأمن الأردني خلية تابعة للاخوان المسلمين وان حماس طرفا.

تابعت كيف جرى ترويج سردية أن الأردن متخاذل، أو جزء من صفقة ضد فلسطين، رغم كل ما قدمه ويدافع عنه. حين حذرت من هذا التضليل، اتهمت بانني ضد المقاومة .

لكن الواقع يؤكد أن حماس لا تتردد في تهديد الدول التي ترفض الخضوع، تماما كما فعلت مع مصر.

لا تصدقوا الاخوان المسلمين وخطابهم الذي يحاول اختطاف وعيكم. لا تمنحوا أحدا صك الوطنية لمجرد أنه يرفع شعار “المقاومة”.

نعم، نحن نريد تحرير فلسطين، لكننا نريدها محررة أيضا من الخطابات المزيفة، ومن جماعات تتقن التلاعب بالعواطف، وتحول الجماهير إلى أدوات تخدم مشروعها، لا مشروع الوطن.

ومن يؤمن بالمقاومة، يحميها من التزييف، لا يصفق لأي راية ترتفع.

كونوا أحرارا في رأيكم، لا تابعة في مواقفكم. ولا تسمحوا لأحد أن يجعل منكم وقودا لمشروع لا يشبهكم. فلسطين بحاجة لعقول حرة، لا لعواطف مستلبة.

Post Views16 Total Count

تصفح المواضيع

اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Ethical Dimensions in the Digital Age

The Internet is becoming the town square for the global village of tomorrow.

الأكثر قراءة

هاشتاغ

عن زيتون نيوز

زيتون نيوز موقع اعلامي صادر عن مركز رام للدراسات العربية. مختص بالشؤون العربية في كندا، بالاضافة الى الاهتمام بأهم القضايا في الوطن العربي. وهو موقع مهني تشرف عليه الصحفية تغريد سعادة التي تعمل في الصحافة لما يزيد عن عقدين من الزمان.
يقع المكتب الرئيسي في مدينة ادمنتون / ألبرتا. ويعمل على تقديم تغطية شاملة، لكافة الأحداث السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية للعرب في كندا. 

آخر الأخبار

  • All Posts
  • About Us
  • English News
  • أخبار
  • تحقيقات
  • ثقافة
  • شؤون الجالية
  • شؤون عربية
  • لقاءات
  • مقالات
  • منوعات
    •   Back
    • About us

أقسام

 Zaytoun News © 2024

error: Content is protected !!