تغريد سعادة
في ظل المرحلة العصيبة التي تمر بها القضية الفلسطينية، لم يعد مقبولا أن تتحول بعض الخلافات الداخلية إلى معارك جانبية تستنزف الطاقات وتضعف الموقف الوطني الجامع. فمن المؤسف أن نرى أصواتا معارضة للسلطة، بعضها من داخل حركة فتح نفسها أو من تيارات خرجت من عباءتها، او من المحسوب على اليسار تتعامل مع اللحظة وكأنها فرصة لتصفية حسابات شخصية أو سياسية.
لقد شهدنا في السنوات الأخيرة محاولات من أطراف يسارية، أو شخصيات تنتمي لتيارات داخل فتح، أن تجعل خلافها مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن عنوانا للمعركة، بينما الحقيقة أن معظم هذه الخلافات ذات طابع شخصي أكثر منها سياسي أو وطني. الأولى كان أن تطوى هذه الملفات في هذه المرحلة الحساسة، وأن يعاد توجيه البوصلة نحو حماية المشروع الوطني لا إضعافه.
الأخطر من ذلك هو ما تقوم به بعض المجموعات التي ارتهنت للدعم الخارجي وسعت لعقد اجتماعات موازية هدفها شق الصف وخطف منظمة التحرير، حتى أنها سمت هيئاتها بمسميات قريبة تربك الناس العادية، ظنا ان هذا سيجعل من السهولة خطف منظمة التحرير ذات الارث التاريخي العريق. وهذه المحاولات لا تخدم سوى الاحتلال، وتضعف الإطار الشرعي الوحيد المعترف به دوليا كممثل للشعب الفلسطيني.
المطلوب اليوم ليس مزيدا من الارتجال أو المزايدات، بل العكس تماما، عقد مؤتمر وطني شعبي جامع يشارك فيه الداخل والخارج، لتجديد التأكيد على المشروع الوطني، وحماية منظمة التحرير باعتبارها المظلة الشرعية، وإعادة ترتيب الصفوف لمواجهة التحديات الكبرى.
كما يجب التذكير أن من يطالب اليوم بانتخابات جديدة، بينما يرفع صفة “عضو مجلس مركزي” أو “عضو مجلس وطني” حصل عليها بالتعيين، إنما يمارس تضليلا صريحا واستغلالا لموقع لم يأتِ عبر صندوق الاقتراع. هؤلاء سيكونون أول من يجب أن يحاسَب عند ترتيب البيت الداخلي، لأنهم جزء من أزمة الشرعية وليسوا الحل لها.
إن اللحظة لا تحتمل المزايدة، ولا الانقضاض على المنظمة، ولا استخدام الانقسامات لتقويض الشرعية. بل هي لحظة مراجعة وإصلاح وتوحيد للصفوف، بعيدا عن الأجندات الخاصة، حفاظا على القضية الفلسطينية من أي محاولات لتفكيكها أو اختطافها.
