تغريد سعادة
أعلنت كتائب القسام امس استهداف دبابتين إسرائيليتين في حي الزيتون بغزة. مثل هذه العمليات تسوق إعلاميا باعتبارها إنجازا ميدانيا، ورسالة بأن المقاومة ما زالت قادرة على إيلام الاحتلال رغم الحصار.
في وسائل التواصل الاجتماعي أو عبر قنوات مثل الجزيرة، تضخم هذه الأخبار على أنها حسم للمعركة. الهدف من ذلك ليس عسكريا، بل نفسي، يتركز على إبراز أن الاحتلال ليس مطلق القوة وأن المقاومة باقية. لكن السؤال يبقى، هل يمكن تسميتها نصر في ظل آلاف الشهداء والجوع والدمار في غزة؟
صحيح ان إسرائيل تعتبر كل جندي يقتل أو دبابة تدمر يمثل خسارة لصورة الردع التي طالما تباهت بها أمام شعبها والعالم. لكن عمليا إسرائيل ما زالت تملك التفوق الجوي والبحري والقدرة على فرض حصار قاتل، مما يجعل كفة القوة الميدانية راجحة لصالحها.
إذن ما يجري ليس حسم بل إطالة للصراع، حيث يحاول كل طرف تسويق ما لديه كجزء من معركة الروايات أمام جمهوره والعالم.
الحقيقة الأعمق أن الحسم لا يتوقف على الميدان فقط، بل على قرار سياسي استراتيجي. و هنا يبرز دور نتنياهو.
نتنياهو يعرف أن إسقاط حماس بالكامل قد يفتح الباب أمام البديل السياسي بعودة السلطة الفلسطينية، وهذا يفتح الطريق لمناقشة قيام دولة فلسطينية. وهو ما يتناقض مع مشروعه الاستيطاني القائم على رفض حل الدولتين.
لذلك، إبقاء حماس ضعيفة لكنها باقية يخدمه أكثر من القضاء عليها. و وجودها يوفر له الذريعة بان إسرائيل في خطر دائم، و لا مكان لدولة فلسطينية.
من هنا نفهم لماذا يستطيع أن يأمر باغتيالات كبيرة مثل اغتيال الامين العام لحزب الله حسن نصرالله، أو يوسع ضرباته في سوريا، لكنه لا يذهب إلى الخيار النهائي في غزة.
يبقى السؤال الأخلاقي: كيف يمكن الحديث عن انتصار بينما يموت الأطفال جوعا وتسحق غزة تحت القصف؟ الفهم بهذا السياق يتطلب الكثير، واهمها ان تعي حماس ما يجب عليها فعله، واهمه وقف نزيف الدم الفلسطيني في غزة.

1 التعليقات
تحليل منطقي وفي الصميم