سجل في القائمة البريدية

Edit Template

نزع سلاح المخيمات الفلسطينية في لبنان يدخل حيز التنفيذ

تغريد سعادة

في خطوة يُنظر إليها على أنها مفصلية في تاريخ العلاقة بين الدولة اللبنانية والمخيمات الفلسطينية، بدأ العمل على تنفيذ خطة متدرجة لجمع السلاح من مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، وذلك بناء على اتفاق تم التوصل إليه بين السلطات اللبنانية والفلسطينية الرسمية بقيادة الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي يزور لبنان. والخطة التي ستُنفذ على ثلاث مراحل تبدأ منتصف حزيران/ يونيو المقبل.

وتنقسم خطة نزع السلاح إلى ثلاث مراحل زمنية وجغرافية:

المرحلة الأولى – تبدأ في 15 حزيران وتشمل جمع السلاح في  مخيمات بيروت الثلاثة: صبرا وشاتيلا، مار الياس، وبرج البراجنة.

المرحلة الثانية – تنطلق في الأول من تموز وتشمل مخيمي الجليل في بعلبك والبداوي في طرابلس، وهما من أبرز المخيمات في البقاع والشمال اللبناني.

المرحلة الثالثة – تتوجه جنوبًا، وتشمل نزع السلاح من مخيم عين الحلوة في صيدا (أكبر المخيمات في لبنان)، بالإضافة إلى مخيمات البص، الرشيدية، والبرج الشمالي الواقعة بين صيدا وصور.

وتركز الخطة على جمع السلاح المتوسط والثقيل، مثل قذائف الهاون والقذائف الصاروخية، في حين سيُترك تحديد مصير السلاح الفردي والخفيف ومستودعاته إلى لجان أمنية مشتركة. يتولى تنسيق التنفيذ من الجانب اللبناني اللواء حسن شقير مدير الأمن العام والعميد طوني قهوجي مدير مخابرات الجيش، وهما من أبرز العارفين بتفاصيل الملف الفلسطيني في لبنان.

يستند الاتفاق الجديد أيضًا إلى “الإعلان الفلسطيني في لبنان” الذي اعلن عنه عام 2008،  ودعا إلى تحييد الفلسطينيين عن النزاعات اللبنانية، وتنظيم السلاح داخل وخارج المخيمات، عبر التنسيق مع الدولة اللبنانية.

ويوجد في لبنان 12 مخيما فلسطينيا رسميا معترفا بها من قبل وكالة “الأونروا”، موزعة على خمس مناطق جغرافية: بيروت، الجنوب، الشمال، البقاع، وجبل لبنان. ومن أبرز هذه المخيمات: عين الحلوة (الأكبر والأكثر اكتظاظا)، الرشيدية، البص، البرج الشمالي، برج البراجنة، شاتيلا، مار الياس، والبداوي.

ويُقدّر عدد اللاجئين الفلسطينيين في لبنان بأكثر من 470 ألف شخص مسجلين لدى “الأونروا”، يعيش حوالي 50% منهم داخل المخيمات، في ظروف صعبة تتسم بالحرمان من الحقوق الأساسية مثل العمل والتملك.

تسوية داخلية بدعم إقليمي

وبدخل الاتفاق الأخير خلال اجتماعات مغلقة بين ممثلين عن الأمن العام اللبناني ومسؤولين رسميين فلسطينيين من السلطة الفلسطينية وحركة فتح.

الخطة تنص على تسليم السلاح المتوسط والثقيل من داخل المخيمات، مقابل ضمانات بحماية اللاجئين ووقف أي تدخلات أمنية أو استهدافات عسكرية ضد المخيمات من خارجها.

ورغم التوافق الظاهري بين معظم الفصائل الفلسطينية المنضوية في منظمة التحرير الفلسطينية، إلا أن العقبة الأساسية تتمثل في موقف حركتي حماس والجهاد الإسلامي وبعض القيادات الإسلامية المتشددة داخل المخيمات حول تسليم سلاحها، وهي لم تحضر الاجتماعات، كما اكدت مصادر مطلعة، وهو ما قد يعرقل التنفيذ الكامل للخطة، خصوصا في المخيمات الجنوبية.

السلطات اللبنانية تُظهر جدية واضحة في تنفيذ الخطة، ويتجلّى ذلك من خلال بيان رسمي لمح فيه المسؤولون إلى محاصرة العناصر الرافضة لتسليم السلاح، عبر منع تنقلهم وعودتهم إلى المخيمات في حال خروجهم منها ومنع التأشيرات لدخول لبنان ومطالبتها بمغادرة الاراضي اللبنانية. ويتولى الإشراف على الملف كل من اللواء حسن شقير (مدير الأمن العام) والعميد طوني قهوجي (مدير مخابرات الجيش)، وهما من أكثر الشخصيات اطلاعًا على تعقيدات الملف الفلسطيني في لبنان.

تشير مصادر إلى أن الملف قد لا يُحل بالكامل دون وساطة إقليمية، من خلال مصر وتركيا وقطر، التي تملك علاقات مباشرة مع الفصائل الاسلامية. مثل هذه الوساطات قد تُسهم في تليين المواقف وفتح قنوات حوار آمنة لتنفيذ الخطة من دون انفجارات أمنية.

بين السيادة والأمن الاجتماعي

الحكومة اللبنانية لطالما اعتبرت السلاح الفلسطيني داخل المخيمات ملفًا شائكًا يمس السيادة ويهدد الأمن الوطني، في حين ترى الفصائل الفلسطينية أن السلاح هو أداة للدفاع الذاتي في ظل غياب الحقوق المدنية والاجتماعية للفلسطينيين في لبنان، من منع التملك إلى قيود العمل والتمثيل السياسي.

لكن مراقبين يرون أن ما يحدث اليوم ليس مجرد إجراء أمني، بل جزء من إعادة ترتيب التوازنات داخل لبنان نفسه، خصوصًا في ظل المتغيرات الإقليمية 

ردود فعل حذرة

في الشارع الفلسطيني، تراوحت ردود الفعل بين الترحيب الحذر والشك العميق، حيث يخشى البعض من أن يؤدي نزع السلاح إلى تفريغ المخيمات من أدوات الدفاع، خاصة في ظل غياب رؤية سياسية واضحة لحلّ قضايا اللاجئين وحق العودة. في المقابل، رحب اخرون بهذه الخطوة على أمل أن تُنهي حالة الفوضى والسلاح المنفلت، وتفتح الباب أمام  استقرار طال انتظاره، وخصوصا في ظل ما تعانيه المخيمات من تردي الخدمات والضغوط الاقتصادية.

نجاح خطة نزع السلاح لن يكون نهاية المطاف، بل خطوة أولى في طريق طويل نحو تنظيم الوجود الفلسطيني وتحسين واقع اللاجئين، ومعالجة الملفات المتراكمة، من الوضع القانوني إلى الحقوق المدنية. ويبقى السؤال المطروح: هل يمتلك لبنان والإقليم الإرادة الكافية لتحويل هذه الخطة إلى فرصة لبناء الثقة؟ أم أن الملف سيبقى رهينة الحسابات الإقليمية والتجاذبات الداخلية؟

Post Views59 Total Count

تصفح المواضيع

اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Ethical Dimensions in the Digital Age

The Internet is becoming the town square for the global village of tomorrow.

الأكثر قراءة

هاشتاغ

عن زيتون نيوز

زيتون نيوز موقع اعلامي صادر عن مركز رام للدراسات العربية. مختص بالشؤون العربية في كندا، بالاضافة الى الاهتمام بأهم القضايا في الوطن العربي. وهو موقع مهني تشرف عليه الصحفية تغريد سعادة التي تعمل في الصحافة لما يزيد عن عقدين من الزمان.
يقع المكتب الرئيسي في مدينة ادمنتون / ألبرتا. ويعمل على تقديم تغطية شاملة، لكافة الأحداث السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية للعرب في كندا. 

آخر الأخبار

  • All Posts
  • About Us
  • English News
  • أخبار
  • تحقيقات
  • ثقافة
  • شؤون الجالية
  • شؤون عربية
  • لقاءات
  • مقالات
  • منوعات
    •   Back
    • About us

أقسام

 Zaytoun News © 2024

error: Content is protected !!