تغريد سعادة
في خطوة لافتة وذات دلالات سياسية هامة، وجه عضو اللجنة المركزية لحركة “فتح” المفصول، الدكتور ناصر القدوة، رسالة رسمية إلى الرئيس محمود عباس (أبو مازن)، أعلن فيها استعداده للعودة إلى الأطر الشرعية للحركة والعمل إلى جانب القيادة في هذه المرحلة المفصلية من تاريخ القضية الفلسطينية.
الرسالة، التي وجهها للرئيس عباس حملت لغة تصالحية واضحة ودعوة صريحة إلى فتح صفحة جديدة داخل الحركة، وإلغاء قرارات الفصل السابقة التي طالت عددا من القيادات التاريخية، من أجل “تمتين دعائم النظام السياسي الفلسطيني ولم الشمل الوطني”.
وأكد القدوة في رسالته إيمانه بضرورة إجراء إصلاحات جذرية داخل الحركة والسلطة الفلسطينية، انسجاما مع ما طرحه الرئيس عباس في خطابه أمام القمة العربية، مشيرا إلى استعداده الكامل لوضع خبراته وقدراته في خدمة هذا المسار الإصلاحي.
وكان الرئيس محمود عباس قد أعلن في مارس الماضي، خلال كلمته في القمة العربية الطارئة بالقاهرة، عن قرار عفو عام عن جميع المفصولين من حركة فتح، قائلا: “حرصا منا على وحدة حركة فتح، قررنا إصدار عفو عام عن جميع المفصولين من الحركة، واتخاذ الإجراءات التنظيمية الواجبة لذلك.”
لكن، وفق مصادر داخل الحركة، اشترطت اللجنة المركزية أن يتقدم المفصولون بطلبات فردية للعودة، وهو ما أثار جدلا داخل أوساط التيار الإصلاحي الذي يقوده محمد دحلان، الذي يعتبر أن الفصل كان جماعيا وتعسفيا ويجب أن يعالج بقرار جماعي.
هذا و كانت مصادر صحفية قد ذكرت أن نائب الرئيس حسين الشيخ، التقى في القاهرة في أبريل الماضي ممثلين كبارا عن محمد دحلان، في محاولة لإعادة التيار الإصلاحي الديمقراطي إلى صفوف الحركة.
ووفقا لمصادر خاصة اكدت لـ “زيتون نيوز” أن المفاوضات تعثرت بسبب إصرار اللجنة المركزية لحركة فتح على العودة الفردية، في حين يرى تيار دحلان أن الفصل تم بقرار جماعي ويجب أن يلغى بالطريقة نفسها.
واضافت المصادر داخل تيار دحلان، ان المحكمة الحركية لحركة فتح أصدرت حكما سابقا باعتبار قرارات الفصل باطلة، مؤكدة أن الموقف الموحد للتيار هو “لا عودة فردية”.
وذكرت المصادر أن هناك قرارا بعودة رواتب نحو 80 من كوادر الحركة الذين قطعت رواتبهم منذ سنوات، لكن التنفيذ لم يبدأ بعد.
وحول ما يثار إعلاميا عن القضايا الموجهة ضد محمد دحلان، أوضحت مصادر مسؤولة في التيار لـ “زيتون نيوز” أن دحلان لا توجد عليه قضايا جنائية، وأن الحكم الوحيد الصادر بحقه عام 2014 كان غيابيا بالسجن لعامين بتهمة “القدح والذم والتحقير بالأجهزة الأمنية الفلسطينية” إثر مقابلة تلفزيونية على قناة العربية. بالإضافة إلى تصريحات للقيادي المفصول من حركة فتح هاجم فيها قرار المحكمة الدستورية العليا والمنشورة على مواقع الانترنت.
وأكدت المصادر أن كل ما يتداول حول قضايا قتل أو فساد مالي هو محض اتهامات سياسية لا أساس لها من الصحة.
يذكر أن فصل دحلان من الحركة عام 2011 جاء بعد خلافات حادة مع الرئيس عباس، اتهمه خلالها بعض المقربين من القيادة بأنه أحد المسؤولين عن فشل الأجهزة الأمنية في التصدي لهجوم حركة حماس عام 2007، مما أدى إلى سيطرة الأخيرة على قطاع غزة.
وفي أعقاب ذلك أسس دحلان التيار الإصلاحي الديمقراطي الذي نشط في غزة وعدة عواصم عربية.
أما ناصر القدوة، ابن شقيقة الرئيس الراحل ياسر عرفات، فقد فصل من الحركة عام 2021 بعد قراره خوض الانتخابات التشريعية بشكل مستقل مع قائمة يدعمها مروان البرغوثي منافسة لفتح، وهو ما اعتبرته اللجنة المركزية مخالفا للنظام الداخلي للحركة.
من الواضح أن التطورات الأخيرة فيما يخص الوضع الفلسطيني قد تشي إلى إمكانية إعادة بناء وحدة فتح بعد سنوات من الانقسام الداخلي.
ومع اقتراب الحديث عن انتخابات فلسطينية جديدة بعد انتهاء الحرب على غزة، تبدو حركة فتح أمام منعطف مصيري إما أن تنجح في توحيد صفوفها واحتضان جميع أبنائها التاريخيين، أو أن تستمر حالة الانقسام التي أضعفت حضورها في الشارع الفلسطيني وأثرت على القرار الوطني.
وقد تسفر اجتماعات الحوار الوطني الفلسطيني برعاية القاهرة بعد وقف الحرب في غزة عن وساطة تلملم صفوف الحركة، الا ان الثابت هنا ان الامر يحتاج لقرارات شجاعة وتنازلات اذا تم اختيار المصلحة العليا لحركة فتح.
