تغريد سعادة
جسر الملك حسين او الكرامة هي نقطة العبور الوحيدة لاهل الضفة الغربية التي تسمح لهم بالخروج الى العالم عبر الاردن. وبين الرحلة الطويلة والشاقة والامل للوصول الى العالم الخارجي، لا يجد الفلسطينيين منفذا اخرا او خيارا اخرا، حيث يمنعوا من استخدام مطار بن جوريون الاسرائيلي، فيكتمون غيظهم ويستخدمونه مرات ومرات، رغم ما يسببه السفر لهم من عناء ومشقه وضياع يوم كامل في الذهاب او الاياب.
على الجسر الذي لاتزال سلطات الاحتلال الاسرائيلي من الجانب الفلسطيني تسيطر عليه، تبدا رحلة شاقة وفيها الكثير من المعاناة واستنزاف الجهد والوقت. تمر على نقطة عبورية فلسطينية تدفع فيها الضرائب تتقاسمها سلطات العبور الاسرائيلية والفلسطينية وفقا لاتفاق اوسلو. ثم تصعد بالباص لتصل الى النقطة الاسرائيلية والتي فقط تبعد 2 كم.
ولكن قصة الوصول الى النقطة المسيطر عليها من الجانب الاسرائيلي قد تتراوح بين ساعة الى اربع ساعات حسب حظك. وقبل الوصول الى هذه النقطة ثمة نقطة تفتيشية تمر خلالها على جهاز مراقبة. عليك خلع الحزام ووضع كل ما في الجيوب في السلة لتمر عبر الجهاز بسلام. هذا الروتين قد يستغرق ساعة او يزيد . تركب بنفس الباص والذي يكون قد خطى للامام قليلا قد تصل الى مترين فقط، تصعد في مكانك بالباص وتنتظر الاشارة الاسرائيلية للتحرك. وهنا ايضا مرحلة انتظار اخرى.
حتى تصل النقطة الاسرائيلية حيث الازدحام الدائم، تمر عبر روتين لختم الاوراق يتحكم فيه جنود اسرائيليين. المشكلة اذا كان ثمة اسمك على الكمبيوتر، هنا تبدا قصة اخرى قد تُحجز اويتم اعتقالك او ترجع من حيث اتيت حسب اجراءاتهم الامنية.
واذا مرت امورك بسلام ووافق الاحتلال على السماح لك بالعبور تصعد في باص، بعد ان تلملم حقائبك التي سبقتك من النقطة الفلسطينية لتركب في باص جديد. تنزل في محطة ينتظرك باص اخر سائقه هذه المرة اردني. تصل الى نقطة العبور الاردنية. في هذه النقطة لا يوجد الكثير من المعيقات، ولكن الازدحام قد يفقدك صبرك.
على هذا الجسر ثمة الكثير من القصص قصة الطفل الصغير المبعوث للعلاج في الاردن اصيب خلال الاشتباكات مع جنود الاحتلال، او الطالب الجامعي الذي سيعود الى فرنسا لاكمال تعليمه، فيمر عبر الاردن ويستخدم مطار الملكة علياء الاردني. اوقصة عجوز تسعينيه ترغب بزيارة ابنائها في الاردن والذين لا يسمح لهم بالعودة بسبب رفض السلطات الاسرائيلية، او عائلات انهت اجازة الصيف لتعود الى مكان عملها في المملكة العربية السعودية.
المسافرون في هذه الرحلة الشاقة طالما تذمروا ، فالمعاناة كبيرة والازدحام دائما هو سيد الموقف. الاسرائيليون على ما يبدو يتعمدون المماطلة وترك المسافرين ينتظرون لاشعارهم بالاذلال ، فهذه هي احدى صفات الاحتلال.
يقول كبار السن الفلسطينيين انهم اعتادوا التنقل بين رام الله وعمان في السيتنيات من القرن الماضي عبر سيارات اقل كفاءة مما هي السيارات الان، وكانت الرحلة لا تستغرق الساعة. هم يوصفون الوصول الى عمان كالوصول الى مدينة جنين او طولكرم. ولكن منذ سيطرة الاحتلال على هذه النقطة والناس تعيش ماساة مصبوغة بممارسات قهرية تمس الكرامة والانسانية ومصاحبة باستنزاف للجهد والمال.
على هذا الجسر للاجانب او الفلسطينيين حملة الجوازات الاجنبية معاناة مضاعفة. في الكثير من الاحيان يجعلونك تنتظر 10 ساعات فقط للسماح لك بالعبور. امر مستهجن تسأل الكثيرين لم؟ فيكون الرد لمنع الاجانب من استخدام هذا المعبر، ومن خلال هذه المعاناة يدفعونهم باتخاذ قرار عدم العودة لزيارة الضفة الغربية.
هذا الجسر المقام على نهر الاردن بنته الدولة العثمانية عام 1885 ، حيث كان مصنوعا من الخشب. ثم تعرض لفيضانات وتم تدميره خلال الحرب العالمية الاولى، واعيد بنائه على يد الاستعمار البريطاني عام 1918، واعيد تصنيعه من الخرسانة، وسمي بألنبي تيمنا باسم الجنرال ادموند ألنبي الذي قاد كتيبة في الحرب العالمية الاولى للسيطرة على فلسطين وسوريا، وهو الاسم الذي يطلقه الاسرائيليين على الجسر.
وعلى الرغم من ان الوصول الى جسر الملك حسين هي رحله عناء وشقاء، ولكنها غالبا ما تكون ممزوجة بالفرح عند سكان الضفة الغربية، والسبب انها الممر الاجباري الوحيد للعبور الى العالم الخارجي حيث يعيشون في منطقة يحيطها الاحتلال من كل جانب ولها منفذ واحد فقط. فما بالك بشعور ابناء الضفة الغربية غير المسموح لهم بالسفر بقرار من سلطات الاحتلال، حيث تراهم يحسدون كل مسافر تمكن من العبور برغم المعاناة التي عاشها على الجسر، لانهم يشعرون ويدركون انهم يقبعون في سجن كبير ومفتاح بوابه السجن بيد المحتل الاسراىيلي .
الا ان فرحة العبور احيانا كثيرة لا تكتمل حينما تغلق سلطات الاحتلال الجسر بدون سابق انذار ويخيب ظن كل المسافرين حيث يضطرون للعوده من حيث آتوا مع تصميم على تكرار المحاوله باليوم التالي برغم كل المعاناه المتوقعه.
هذا عن الجسر الوحيد الذي يشكل عنق الزجاجه لاهالي الضفه الغربيه الذي من خلاله ينفذون الى العالم الخارجي فماذا عن اهل غزه وقصتهم مع معبر رفح الذي لا يشكل عنق زجاجه بل خرم الابره.
