تغريد سعادة
مخيم جنين، يقع الى الشمال من الضفة الغربية، وهو المخيم رقم 19 في الضفة الغربية للاجئين الفلسطنيين الذين شردوا من ديارهم في داخل الخط الاخضر، ليجسد المخيم معاناة متواصلة لسكانه منذ نشأته في الخمسينيات من القرن الماضي، ولتستمر الي يومنا هذا، كأنه قدره الاوحد، النضال والمعاناة والشهادة او الاعتقال.
مخيم جنين، اعتاد ان يكون التحدي الاكبر للاحتلال الاسرائيلي في الضفة الغربية، ومسرحا متواصلا لاجتياحاته واعتقال شبانه، واحيانا اخرى تحديا للسلطة الفلسطينية.
وعلي الرغم من ان علاقة ابناء المخيم مع السلطة الفلسطينية شهدت وفي مراحل كثيرة تنسيق عالي، وتفهم بين قيادة المقاومين وقيادة السلطة الفلسطينية، وبتدخل من قيادات فتح، وصلت احيانا غض الطرف عما يقوم بها الشبان المقاومين داخل المخيم، والسير باسلحتهم بحرية، وقيامهم باستعراضات عسكرية خلال السنوات الماضية، الا اننا نشهد ومنذ نحو عشرين يوم اقتتال لم يعتاده المخيم مع اجهزة امن السلطة الفلسطينية.
مخيم جنين يضم في اساسه شبان مقاومين ينتمون الى ثلاث تنظيمات رئيسية وهي: كتائب شهداء الاقصى – لواء الشهداء، وهو الجناح العسكري لحركة فتح، وسرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الاسلامي، وكتائب القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الاسلامية حماس. كما تتواجد عناصر اخرى بعدد وحضور اقل.
المخيم شهد اشتباكات دامية بين مقاومين فلسطينيين وبين اجهزة امن السلطة، حرب لم نعتدها في فلسطين. وان حدث سابقا اشتباكات، كانت تنفض بوساطات خلال ساعات لان الدم الفلسطيني خط احمر عند الشبان المقاومين في المخيم.
فماذا جرى لتتطور الامور لهذا الحد:
المتتبع لتصريحات قادة الاجهزة الامنية الفلسطينية، فانهم يبررون ان ما حصل هو تفادي لاجتياح قوات الاحتلال للضفة الغربية، وللتهديدات بتحويل الضفة الى خراب كما حصل في قطاع غزة، انهم لا يريدون استنساخ تجربة غزة، وحسب ما يرون فانهم يحاولون التصدر للمشهد لقطع الطريق على الاحتلال، ولفرض قانون ما اسموه بقانون الدولة. معتبرين ان التحدي الذي يشهده مخيم جنين انما هو تمرد وخروج عن القانون. السلطة تعتبر ان من يمول هذه الجماعات هي ايران، وان هذا يشكل تدخلا سافرا بالشأن الفلسطيني.
في الوقت فان المقاومين يعتبرون ان الدم الفلسطيني خط احمر، ولكن لم تترك السلطة الفلسطينية مكانا للحوار بعد رفضها كل الوساطات.
انهم يطالبون بتسليم السلاح والانضواء في اجهزة السلطة كما حصل في عام 2007 بعد الانتفاضة الثانية، وحينها استطاع الرئيس الفلسطيني محمود عباس بجمع السلاح في الضفة الغربية، واعتقال من لم يتجاوب مع المبادرة في محاولة لتمهيد الطريق لمفاوضات مع الاحتلال.
يقول احد عناصر كتائب الاقصى – لواء الشهداء لـ ” زيتون نيوز“ كان حينها مبرر ان نعطي فرصة للتفاوض، اما الان وبعد كل ما فعله الاحتلال بنا ورفضه التفاوض، كيف سيكون علينا تسليم السلاح فالظروف مختلفه.
وتابع, “اننا سنقاتل حتى اخر عمرنا لتحرير فلسطين.”
مخيم جنين الذي تفرض اجهزة امن السلطة الفلسطينية عليه الحصار وتمنع الدخول او الخروج اليه، كما قطعت عنه الكهرباء في محاولة لتطويع اهالي المخيم, يغيب عنه هذه الايام بعد اعتقال الاحتلال له القيادي في حركة فتح جمال حويل. وهو من الاسماء التي عملت على توازن كبير بين اثبات السلطة سلطتها في المخيم، وبين مقاومين يحملون السلاح لمقاومة الاحتلال وليس للضرر بهيبة السلطة.
لم يكن من السهل الوصول لاحد المقاومين الميدانيين، ولكن لم يكن مستحيلا. كانت التاكيدات علي ان المقاومين يحملون السلاح لمقاومة الاحتلال، واذا تم التعهد بعدم اجتياح الاحتلال المناطق ألف و باء فان المقاومين سيكون لهم راي اخر.
ويشيرون الي ان اهم ما يميز مخيم جنين عن تجربة سابقة حصلت لعرين الاسود في نابلس، وكيف انهم سلموا السلاح، ان جنين حاضنة للمقاومة ولا تفرق بين حماس وفتح والجهاد الاسلامي، كلهم علي قلب واحد، واضافوا، سر قوتنا في مخيم جنين وحدتنا لا يسمح لاحد بالدخول بيننا، وتحديدا في الميدان .
الدعم لشعبي للمقاومين امتد الى رام الله حيث سرت مسيرة اليوم وسط المدينة، وجهت التحية للكتيبة وللمقاومة مطالبين بتعزيز الوحدة الوطنية. ورددوا هتافات ” تحية للكتيبة في جنين الحبيبة”، وحملوا اللافتات التي تؤكد على اهمية الحوار المسؤول وهو الطريق لحل المشكلات وحماية السلم الاهلي.
ووسط رفض السلطة الفلسطينية للوساطات الداخلية الفلسطينية، ووسط تعنت المقاومين ودعم الشارع الفلسطيني لهم، يستمر الحصار على مخيم جنين، ويستمر الاقتتال الذي ادى لمقتل سبعة فلسطينيين، لحين حصول معجزة تعجل من انهاء الاقتتال الذي قد يتحول الى عدوى في المخيمات الاخرى، ووسط دعم شعبي لهم.
