سجل في القائمة البريدية

Edit Template

لا يا سعادة: أبناء عقيدتك لم ينتصروا

غسان الشامي
اسمح لي يا سيدي أن أفيدك برأيي ، وهو يخصني فقط، ولا يلزم أحداً، لكن في أزمنة الرياء والنفاق والانكسارات لا بد من كلمة نراها ..حقاً، بضمانة حرية الرأي.

أتكلّم يا سيدي عن وقتنا هذا وعما نراه ونسمعه ونلمسه ونتحسس نتائجه.

أبناء عقيدتك ثلاثة أحزاب معلنة، وواحد تفرّق أيدي سبأ بعدما تعهده مقاول، ومجموعات مخبأة تحسب نفسها أحزاباً.

أيها الرائي

أبناء عقيدتك لم ينتصروا على فرديتهم وأنانيتهم.

لم ينتصروا على التفرقة ، وبدل توحيد الأمة ذهبوا إلى انقساماتهم العميقة؟

لم ينتصروا على المستعمر..وبدل سايكس- بيكو ، واحد ، باتوا يتفرجون على تفريخهِ وتقسيم المقسّم.

لم ينتصروا على الظلامية التي تتحكم بالعراق والشام وتذرو قرون الفتن والقتل.

لم ينتصروا على الطائفية والانعزال الذي يتحكم بلبنان.

لم ينتصروا على الصهيونية لأننا بتنا في ذروة العصر الإسرائيلي.

لم ينتصروا على الجهل، فهلاّ سألهم أحد كم كتاب أصدرت مؤسساتهم في ثلاثة أرباع قرن على غيابك؟.

لم ينتصروا في توزيع فكركَ، فكتبك ما تزال محصورة في مكان واحد،وتباع بأعداد قليلة ، وليست متاحة للراغبين .

لم ينتصروا في مجال الإبداع الأدبي، فالأحزاب المسماة قومية لم تنجب شاعراً مجيداً بعد عام 1960، وغابت عن الإبداع الروائي والمسرحي والسينمائي والتلفزيوني.

لم ينتصروا في عملية تقديمك لأوسع شريحة، وعندما يكتبُ عنك كاتب غير قومي ، أو تبث حلقة وثائقية عنك ..يهللون، كما تتغنى القرعة بشعر ابنة خالتها.

لم ينتصروا على السياسات الضيقة ، حيث لبس أغلب مسؤوليهم عباءات السياسات المحلية، وغرقوا في أشبار ماء الكيانية.

لم ينتصروا على الفوضى، ولم يكترثوا بالتنظيم ، وباتت مسألة المؤسسات أضحوكة .

لم ينتصروا في الإعلام، سيد العصر وربه، فكم من وسيلة أقفلت وأخرى اختلف عليها، وكم من صحفي وإعلامي قومي تركَ إلى وسائل الآخرين.

لم ينتصروا في تحقيق القوة للدفاع عن الأرض، وباتوا من أضعف تنظيمات الأمة.

لم ينتصروا في تحقيق اقتصاد قوي، وما زالت مؤسساتهم تعيش على الشحاذة من هنا وهناك، وعلى كرم الأجاويد وغير الأجاويد.

لم ينتصروا في تحقيق تضامن اقتصادي، فهلا سألت عن شركة أسسها قوميّون وبقوا معاً ولم يختلفوا؟!.

لم تنتصر مؤسساتهم على الفساد ، ولا شفافية عندهم، فأي تنظيم منهم يقدم تقارير مالية شفافة، أو ميزانية محددة له ويلتزم بها؟!.

لم ينتصروا حتى في ملبسهم ، فبدل أن يقلدهم الآخرون هم يقلدون الآخرين…

نعم يا سيدي

يا من آمنت بأن في النفس السورية كل علم وكل فن وكل فلسفة..وأنها مزيج سلالي ثقافي راقٍ، أسفرت الأيام والسنون والتجارب، على أنها مازالت في عصر القبائلية والعشائرية والطائفية والمذهبية والعائلية والزبائنية والنفاقية والتفتتية والتحزبية العصبوية والمصلحية والخضوعية والتصفيقية والشعاراتية والدونية…

ماذا بعد

أيها الرائي

الأجيال التي لم تولد بعد، لم تأت حتى الآن …

الأمة في حال من البؤس يرثى لها، ولا تسرّ سوى الأعداء.

نعم هناك أفراد قوميّون آمنوا بفكرك، ولبطتهم بغال التنظيمات ، لكنهم لا بزالون على العهد والإيمان لا يتزحزحون.

نعم هناك الشهداء الذين آمنوا بعقيدتك ، ومارسوا البطولة، وقدموا دماءهم، ونسيت التنظيمات ذويهم.

نعم..هناك مثقفون كبار في أنحاء العالم يؤمنون بفكرك أو يحترمونه ، لكنهم غير مستعدين لأن يكونوا شهود زور مع من ينتحلون تمثيل هذا الفكر وهذه العقيدة.

نعم ..هناك أصحاب إرادات طيبة يريدون القتال دفاعاً عن أرضهم ، ولا يجدون سوى المقاولين ، فيبتعدون، وبعضهم آثر بُنىً غير قومية ليقاتل معها، لأنها صادقة، ولأنه مؤمن بحق القتال.

نعم، ما زال المقبلون على الفكر يأتون كرمى لك ، لا كرمى لأراخنة التنظيمات.

نعم..هناك متألمون كثر لا يدرون ماذا سيفعلون، تأكلهم الحسرة على حزب اعتنقوه ووطن أحبوه.

نعم..هناك إيمان شبه عام بنجاعة الفكر الذي تركته ، وتحسّر من الكثيرين على مآلات من حملوه.

أيها الرائي

كلام عاطفي وإنشائي وزجلي وخطابي كثير ومتشابه ومكرور يسفح في كل ثامن من تموز وأول من آذار وسادس عشر من تشرين كل عام ، إنه مجرد كلام كي يزيح قائلوه عن كاهلهم عبء عدم الفعل، وبعضهم يستمرئ هذا ويطرب لسماع صوته.

كلام ، يستلّونه من عندياتك من دون أن يضيفوا حرفاً جديداً من عندياتهم ، وكأن شرعة عقولهم التقليد وليس التطور كما حاولت أن تعلّمهم.

أيها المعلم.

لا تلتفت للكلام ، فهو يشبه اللغو في هذه الأمة المتعبة، والأمل في أن يمعن فكرك ووقفة عزّك وشهادتك في وجدان الأجيال …لعل وعسى.

جملة أخيرة: ما زلتُ مؤمناً بفكرك ووقفة عزك وشهادتك وبالشهداء والواقفين، وبريء مما عدا ذلك.

أنطون سعادة (1 مارس 1904 – 8 يوليو 1949) مؤسس الحزب السوري القومي الاجتماعي عام 1932، يوم 7 يوليو (تموز) 1949 حاكمته السلطات اللبنانية وأعدمته فجر يوم 8 يوليو (تَموز) 1949، بعد إعلان سعادة الثورة على الحكم اللبناني وتدبيره محاولة انقلابية انتهت بالفشل.

Post Views50 Total Count

تصفح المواضيع

اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Ethical Dimensions in the Digital Age

The Internet is becoming the town square for the global village of tomorrow.

الأكثر قراءة

هاشتاغ

عن زيتون نيوز

زيتون نيوز موقع اعلامي صادر عن مركز رام للدراسات العربية. مختص بالشؤون العربية في كندا، بالاضافة الى الاهتمام بأهم القضايا في الوطن العربي. وهو موقع مهني تشرف عليه الصحفية تغريد سعادة التي تعمل في الصحافة لما يزيد عن عقدين من الزمان.
يقع المكتب الرئيسي في مدينة ادمنتون / ألبرتا. ويعمل على تقديم تغطية شاملة، لكافة الأحداث السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية للعرب في كندا. 

آخر الأخبار

  • All Posts
  • About Us
  • English News
  • أخبار
  • تحقيقات
  • ثقافة
  • شؤون الجالية
  • شؤون عربية
  • لقاءات
  • مقالات
  • منوعات
    •   Back
    • About us

أقسام

 Zaytoun News © 2024

error: Content is protected !!