تغريد سعادة
يعد الإعلام أحد أهم الأدوات التي استخدمتها حركة حماس لتعزيز نفوذها السياسي والفكري، وتثبيت وجودها كقوة سياسية واقعية في الساحة الفلسطينية، خاصة بعد الانقسام الفلسطيني عام 2007 الذي جعل من غزة معقلا للحركة.
ورأت حماس في الإعلام سلاحا ناعما هاما حيث يسهم في تشكيل الوعي الجماهيري، والتأثير في الأجيال الجديدة، وتقديم خطاب متكامل يجمع بين البعد السياسي والديني. عبر الإعلام، تسللت أفكار الحركة إلى الجماهير، وبنت قاعدة شعبية واسعة من خلال سردياتها ووسائل التعبئة العاطفية والدينية.
مع سيطرتها على قطاع غزة بعد 2007، انطلقت حماس في بناء جهاز إعلامي متكامل ومتنوع. وتشير تقارير اعلامية ان حماس تمتلك شبكة إعلامية واسعة تضم أكثر من 20 موقعا إخباريا، متاحة بعدة لغات كالعربية، والإنجليزية، والفرنسية، والفارسية، والروسية، والتركية، وغيرها. بالاضافة الى قناة الأقصى الفضائية وراديو صوت الاقصى، التي تحولت إلى المنبر الرئيسي لعرض أخبار الحركة وبرامجها المتنوعة. بالاضافة الى عشرات الحسابات والمنصات على مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة على تيليغرام ويوتيوب، لنشر بيانات الحركة وتحركات جناحها العسكري.
كما تعتبر حركة حماس جزءا من شبكة إقليمية أوسع تتلقى دعما من دول وأطراف إقليمية مرتبطة بفكر الإخوان المسلمين ومحور المقاومة.
واعتبرت قناة الجزيرة المنصة الإقليمية الأبرز التي تعزز خطاب حماس. وفي تقرير في مجلة “Foreign Policy” يوضح كيف تستخدم قطر قناة الجزيرة لدعم الإخوان ومن ضمنهم حماس. كما تستضيف قطر قيادات الحركة وتدعم مشاريع إعلامية وإنسانية في غزة، مما يعزز من حضور الحركة الإعلامي.
اما ايران فتلعب دورا كبيرا في دعم حماس عسكريا وإعلاميا عبر قنوات العالم والكوثر، بالاضافة الى شبكات إعلامية رقمية واسعة. وفي تقرير لـ بي بي سي عربي قال ان قناة الميادين تمولها بشكل مباشر أو غير مباشر إيران، وتروج بشكل مستمر لخطاب حماس.
لا يقتصر الإعلام الحزبي لحماس على نقل الأخبار فقط، بل يوظف لزرع أفكار محددة، وترسيخ صورة الحركة كمدافع أساسي عن القضية الفلسطينية، في مواجهة السلطة الفلسطينية التي يصورها كيانا ضعيفا أو متواطئا. يستخدم الإعلام أساليب متنوعة وبرامج تستهدف الشباب لبناء سردية متماسكة.
نجحت حركة حماس، بعد عام 2007، في بناء منظومة إعلامية متكاملة تستند إلى دعم خارجي إقليمي يتماهي مع أفكارها السياسية والدينية. ولعبت هذه المنظومة دورا محوريا في تعزيز خطاب الحركة داخليا وخارجيا، وإضعاف خصومها، وخاصة السلطة الفلسطينية، من خلال شبكات إعلامية قوية ومتجددة.
في المقابل، بقيت حركة فتح تواجه تحديات كبيرة على الصعيد الإعلامي. فالمنصات الإعلامية التابعة لها أو التي تسيطر عليها، مثل إذاعة “صوت فلسطين” وقناة “التلفزيون الفلسطيني”، و “تلفزيون العودة” محدودة الانتشار، وضعيفة من حيث الابتكار الرقمي والتجديد، ما جعلها غير قادرة على مجاراة توسع حماس الإعلامي. كذلك لم تستثمر فتح في وسائل الإعلام الرقمي بنفس الفاعلية، ما أدى إلى تراجع تأثيرها الإعلامي، وترك الفرصة لحماس لتصعيد روايتها وتثبيتها في الوعي الفلسطيني والإقليمي.
