تغريد سعادة
على مدار السنوات الأخيرة، برزت عدد من المحاولات لتقويض مكانة منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، عبر مؤتمرات تعقد تحت شعارات وطنية من الظاهر، لكنها في جوهرها تستهدف تفتيت المشروع الوطني الفلسطيني وخلق بدائل مرتبطة بأجندات إقليمية.
وبهذا السياق احتضنت تركيا وقطر، الداعمتان لمشروع الإخوان المسلمين في المنطقة، عددا من هذه المؤتمرات التي سعت لتقديم نفسها كبديل أو موازي للمنظمة، منها المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج الدي عقد في اسطنبول في فبراير عام 2017، ومؤتمر الإنقاذ الوطني الفلسطيني الذي عقد في الدوحة فبراير الماضي.
ورغم رفعها شعارات إصلاحية، ولكن جاءت هذه المؤتمرات عمليا في إطار التمهيد لاحداث انقسام عمودي جديد، يضاف إلى الانقسام الأفقي الذي نجم عن انقلاب حماس في غزة عام 2007، وما زال الشعب الفلسطيني يدفع ثمنه الباهظ حتى اليوم.
صحيح أن هناك انتقادات وملاحظات على أداء المنظمة، لكن ما يجري حاليا يتجاوز النقد البناء، ليصل إلى تفكيك البيت الوطني الفلسطيني وتقديم الولاء لمشاريع خارجية، على حساب المشروع الوطني الجامع.
واللافت في هذه المؤتمرات مشاركة شخصيات ذات خلفية تنظيمية بعضها محسوب على حركة فتح، وهذا لا يعني تمثيلا شعبيا واسعا؛ فمعظم هذه المشاركات تعكس مواقف فردية والاهم انها لا تستند إلى قواعد تنظيمية أو جماهيرية حقيقية.
ولعل أخطر ما ارتكبه معظم الإعلام العربي والإقليمي والدولي هو اختزال النضال الفلسطيني في فصيل واحد، وتغييب التعددية التاريخية الغنية التي شكلت العمود الفقري للثورة الفلسطينية المعاصرة. هكذا، بدا الخطاب العام وكأنه يدين خيار المفاوضات بوصفه استسلاما، بينما يرفع المقاومة التي تتبناها حماس إلى مرتبة التقديس، وهو تعدي ظالم على الحقائق والسياقات.
ومنظمة التحرير الفلسطينية التي نالت الاعتراف الدولي كممثل شرعي ووحيد عام 1974، وحققت صفة دولة مراقب في الأمم المتحدة عام 2012. وهنا نؤكد على ان الاعتراف الدولي بدولة فلسطين كان هدفا لمنظمة التحرير منذ اعلان الاستقلال الفلسطيني في 15 نوفمبر عام 1988 في الجزائر. وتابعت الدبلوماسية الفلسطينية الامر حتى وصلنا حتى الان الى اعتراف 147 دولة من أصل 193 دولة عضو في الأمم المتحدة بدولة فلسطين ذات عضوية كاملة في الأمم المتحدة.
من المقرر ان ينعقد المؤتمر الدولي المعني بالتسوية السلمية للقضية الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتين في نهاية الشهر الجاري بعدما كان مقررا أن تستضيفه الأمم المتحدة في يونيو الماضي في نيويورك، ليكون الاعتراف بدولة فلسطين من اعضاء مجلس الامن بمن فيهم فرنسا ودول اخرى قد تتضح مع نهاية الشهر، خطوة ايجابية تضاف للدولة الفلسطينية.
واخيرا، ما تحتاجه منظمة التحرير هو تجديد مؤسساتها وإصلاح أدائها، لا استبدالها بكيانات هشة مرتبطة بمشاريع خارجية. فالثورة الفلسطينية وجدت لتبقى، والمشروع الوطني لن يمحى ببيانات مؤتمرات، ولا بمشاريع إنقاذ جوفاء .
وعلينا التأكيد ايضا ان منظمة التحرير واجهت عبر عقود محاولات لإضعافها من أطراف إقليمية ودولية، لكنها حافظت على شرعيتها وكيانها، وبقيت الإطار الوطني الجامع الوحيد للفلسطينيين.
