سجل في القائمة البريدية

Edit Template

أصوات من قلب الجحيم: يوميات الحرب والجوع واليأس في غزة ترصدها “زيتون نيور”

تغريد سعادة

في قطاع غزة، حيث لا ينقطع أزيز الطائرات الزنانة ولا يتوقف دوي القصف، يعيش أكثر من مليوني فلسطيني تحت حصار خانق وحرب لا ترحم.

كل يوم في غزة يحمل شهادات جديدة عن الألم والنزوح والجوع والموت، بينما الامل يئن تحت وطأة الواقع المأساوي.

في هذا المشهد المدمر منذ قرابة عامين، تواصلت “زيتون نيوز” عبر الهاتف مع عدد من أبناء غزة، لينقل كل منهم حكايته الممزوجة بحكاية القطاع الجريح.

هواجس وكوابيس

في مخيم “منتزه النخيل 2” بمواصي خان يونس يقطن د. احمد يوسف وعائلته، وهو عضو سايق في مجلس الشورى لحركة حماس ومستشار اسماعيل هنية، قال، “بعد ليلة مثقلة بأزيز الطائرات الحربية ودوي القصف الذي لا يهدأ، وأرقام الشهداء والجرحى التي تحصى بالمئات كل يوم، لا يبقى أمام المرء إلا أن يعيش هواجس وكوابيس أنه الضحية القادمة؛ فليس في قطاع غزة موطئ أمان”.

واضاف د. يوسف في حديث خاص، انه يتقاسم ثلاثة أعباء ثقيلة، وهي مسؤولية التكية التي توفر وجبات طعام لسكان المخيم، حيث يسعى لتأمين استمرارها عبر التواصل مع أصدقاء قدامى ومناشدتهم لدعم احتياجاتها من المواد الغذائية، والكتابة التي تأخذ حيزا من وقته ليوثق معاناة النازحين، وقلقه على الشباب الباحثين عن الغذاء وسط مصائد الموت ومعظمهم من ابناء عائلته.

ووصف تفاصيل العيش في المخيم قائلا، “الخصوصية غائبة تماما في المخيم؛ الضجيج لا ينقطع، والأسرار تتناثر، الصراخ والشتائم تتداخل مع بكاء الأطفال الجوعى، والشتائم غدت عادة يومية، وهي ليست إلا فشة خلق وتنفيسا عن الغضب.”

وعن وجبات الاكل قال يوسف، ان الافطار غالبا سندويشات “الدقة والزيت”، او علبة سردين أو تونة مع كوب شاي. واما الغداء، فغالبا شوربة بطاطا أو باذنجان أو كوسا إن وجدت، وبأسعار باهظة، أو فول وفلافل. ويضيف، “نقص الغذاء يجعل الجسد بالكاد يتحرك، فلا أبرح خيمتي، ولا أذهب حتى إلى البحر الذي لا يبعد أكثر من مئة متر.

وقال: “حتى في أحلامنا، صوت الطائرات لا يهدأ.”.

وتحدث يوسف بمرارة عن الاوضاع، “الفوضى والسرقات التي يغذيها الاحتلال، وارتفاع أسعار المواد التموينية لعشرة اضعاف احيانا، وانقطاع الأدوية والمبيدات الحشرية، لتفاقم الأمراض الجلدية بين الأطفال والنساء، مضيفا، ” باختصار، تعمل إسرائيل بشكل ممنهج على سحق إرادة البقاء، لتقول لنا لا مقام لكم هنا”.

موسيقى الصواريخ والمدافع

المخرج السينمائي سعود مهنا يمضي أيامه بين خيام النزوح ومواقع التصوير حيث يعمل على تصوير فيلمه الدراما “الناجى الوحيد” وسط كل ما يحدث في القطاع، مجبرا على السير أحيانا على الأقدام لمسافات طويلة، في ظل ندرة المواصلات والقصف المستمر.

يبدأ يومه بزيارة أقاربه في المخيم المجاور للاطمئنان عليهم، ثم يعود لمساعدة زوجته في تحضير وجبة الافطار وتشمل “كسرة من الخبز مع كوب من الشاى واحيانا كثيرة بدون سكر “، ثم يتابع أخبار السينما والهدنة عبر الإنترنت، ويجمع قصص الناس ليرويها في أفلامه ثم ينطلق الى مكان التصوير.

اما وجبة الغداء فيقول مهنا، “هي عبارة عن طبق من العدس مع القليل من الخبز أن وجد.”

واضاف مهنا، انه قبل الغروب يتجول في المخيم مع بعض اصدقائه ويتحدث الى الشيوخ والعجائز والاطفال المنتشرين في ازقة المخيم.

وتابع، “فى المساء نعود إلى الخيمة ننام على موسيقى الصواريخ والمدافع التى يطلقها جيش الاحتلال على كل مكان فى غزة ونظل نعيش فى دوامه التفكير والخوف حيث يراودنى السؤال الدائم هل سنكون نحن من سيقصفهم العدو هذة الليلة؟”

معاناة في كل شيئ

محمد الخالدي، شاب في بداية العشرينيات، عاش تفاصيل النزوح من شمال غزة إلى جنوبها، في خيام بلا ماء ولا كهرباء وسط أمراض وبعوض لا يفارقهم.

يروي في حديث خاص معاناة الجوع وارتفاع الأسعار الجنوني حيث يصل كلفة الطعام في اليوم لما يزيد عن 150 دولار امريكي لاطعام العائلة. وقال، “قضينا 20 يوما بلا طعام.”

وتحدث عن النزوح الاخير، وقال، اشترينا خيمة طولها 4 متر بعرض 4 متر ، يقطن فيها 16 فردا من الاسرة، والحمام عبارة عن قطعة من شادر.”

واضاف في ظل انقطاع مواد التنظيف مثل الصابون والشامبو وشح المياه، فاننا نستحم كل خمسة ايام مرة.

وقال الخالدي “لم ننام ثلاث ليالي متواصلة من شدة القصف”. وختم حديثه بيأس، “غزة لم تعد تصلح للعيش.”

الطاقة الشمسية محل الكهرباء منذ عامين

ويروي الفلسطيني ممتاز مرتجى، في الستينيات من عمره، تفاصيل يومه الموجع، يقف لساعات في طوابير المياه الحلوة وسط صراخ الناس وعراكهم، يشتري الخبز بأثمان مرتفعة، ويتناول وجبات متواضعة هو وعائلته لا تكفي لسد الجوع.

وقال في حديث خاص، انه يعيش وعائلته على شوربة العدس التي توفرها التكيات للناس في وجبة الغداء. اما الافطار فيقول مرتجى،”اشتريت ثمانية أرغفة صغيرة الحجم، رغيف لكل فرد في العائلة، وتناولوا معها الدقة وكوبا من الشاي بدون سكر”. والدقه حسب وصف مرتجى تصنع من تحميص الطحين والبرغل والعدس ويوضع عليها كزبرة وحمض لمون وسماق مطحون وشطة مطحونة.

وقال مرتجى ان الكهرباء غائبة منذ عامين، ولكن قليل من ألواح الطاقة الشمسية تؤدي بعض الاحتياجات الضرورية لشحن الجوالات والبطاريات الصغيرة التي تستخدم لإضاءة نور.

وختم قائلا، نتمنى أن تنتهي الحرب و يبدأ الاعمار لنعود إلى ادميتنا ويزول عنا شبح هذا الروتين اليومي الذي يقتلنا ببطئ.”

تتردد بين هذه الشهادات أصوات أخرى تملأ الأجواء باليأس والمرارة: “صوت الطائرات يدخل حتى في أحلامنا، ننام ونصحو على أزيزها.” “سنذهب إلى أي مكان، القطاع لم يعد صالحا للعيش”، “تعبنا كثيرا “، “لم نعد نحتمل”، “اننا اتمنى الموت، افضل مما نعيش”، ” ان تشعر انك مشروع ميت كل يوم هو اكبر مما يحتمله احد” . ويستمر هذا الواقع في وقت لا يلوح في الأفق أي أمل حقيقي للهدنة أو انتهاء المعاناة.

في غزة

Post Views138 Total Count

تصفح المواضيع

اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Ethical Dimensions in the Digital Age

The Internet is becoming the town square for the global village of tomorrow.

الأكثر قراءة

هاشتاغ

عن زيتون نيوز

زيتون نيوز موقع اعلامي صادر عن مركز رام للدراسات العربية. مختص بالشؤون العربية في كندا، بالاضافة الى الاهتمام بأهم القضايا في الوطن العربي. وهو موقع مهني تشرف عليه الصحفية تغريد سعادة التي تعمل في الصحافة لما يزيد عن عقدين من الزمان.
يقع المكتب الرئيسي في مدينة ادمنتون / ألبرتا. ويعمل على تقديم تغطية شاملة، لكافة الأحداث السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية للعرب في كندا. 

آخر الأخبار

  • All Posts
  • About Us
  • English News
  • أخبار
  • تحقيقات
  • ثقافة
  • شؤون الجالية
  • شؤون عربية
  • لقاءات
  • مقالات
  • منوعات
    •   Back
    • About us
    •   Back
    • Art and Cinema
    • Interviews

أقسام

 Zaytoun News © 2024

error: Content is protected !!