سجل في القائمة البريدية

Edit Template

مروان البرغوثي: أسير يقهر السجان

تغريد سعادة

تفاعل الآلاف من أبناء شعبنا الفلسطيني، ومن العالم العربي مع الفيديو الذي نشره الوزير الإسرائيلي المتشدد إيتمار بن غفير خلال لقائه بالأسير القائد الفتحاوي مروان البرغوثي. هذا الفيديو لم يكن بريئا، بل حمل رسالة حرب نفسية مقصودة لكل الفلسطينيين، حين تعمد بن غفير أن يظهر البرغوثي محجوزا عنده، وهو يخاطبه بينما مروان يهز برأسه.

عرفت مروان البرغوثي عن قرب، بحكم عملي الصحفي في صحيفة العرب اليوم اليومية ومراسلة معتمدة لصحيفة الاتحاد ابو ظبي اليومية. التقينا في عمان، في فندق الإنتركونتيننتال، حيث اعتادت القيادات الفلسطينية والوفود المفاوضة على النزول فيه. كان بهو الفندق يعج دائما بالشخصيات الفلسطينية مثل، ياسر عبد ربه، حسن عصفور، سمير حليلة، غسان الخطيب، جميل الطريفي وآخرون. هناك كنت ألتقط الأخبار وأجري اللقاءات.

وفي ذلك المكان التقيت لأول مرة بمروان البرغوثي، رجل أسمر قصير القامة، لكنه صاحب هالة وكاريزما طاغية. مروان، الرجل الميداني، كان يلبس كأبناء الشعب، بعيدا عن القمصان الفاخرة والبدلات الباهظة التي كانت تشترى من محلات معروفة في عمان. بينما كانت بعض القيادات تتهافت على الأحذية والقمصان التي تتجاوز قيمتها الألف دينار اردني، كان مروان على النقيض تماما، يرتدي ما لا يليق بتلك القاعات الراقية، لكنه بدا أكثر صدقا وأقرب إلى الناس.

كان يتحدث بانفعال الشباب، يستخدم يديه، وحتى وهو في الأربعينيات من عمره، بقي بنفس الروح الشبابية. رأيته في رام الله بعدها محاطا بالشبان، ملهما لهم وقائدا لمسيراتهم. كان الخطيب الرئيسي لمسيرة الذكرى الخمسين للنكبة في رام الله، والتي شارك فيها الرئيس الراحل ياسر عرفات. وبعدها في لحظة ما، غاب عن المشهد قليلا حين أجرت “فتح” انتخابات داخلية للأمانة العامة في الضفة الغربية، ففاز منافسه حسين الشيخ حينها، لكنه سرعان ما عاد إلى الواجهة مع هبة الأسرى، حين استدعاه الرئيس الراحل ياسر عرفات، ليقود الشارع ويعيد الزخم ومن بعدها كانت الانتفاضة الثانية.

بيتي كان قريبا من نقاط الاشتباك في رام الله، وهناك التقيت به مرارا وبالكثير من قيادات فتح التي كانت تشارك في المسيرات. كان بيتي احيانا محطة للراحة لهم وللكثير من الصحفيين والمشاركين في المسيرات.

أجريت معه لقاءات لصالح صحيفتي الاتحاد في أبوظبي، والعرب اليوم الاردنية. كان حاضرا دائما في الميدان، بين الناس، يقود ويلهم، حتى بات اسمه يكبر مع الزمن. فقد تعلمنا أن أسرانا هم قادتنا، وأن الشهداء والأسرى هم من يخطون معالم الهوية الفلسطينية.

حين شاهدت الفيديو الأخير الذي نشره بن غفير، شعرت بالانكسار في داخلي، لأنني أعرف مروان شخصيا وأدرك كم هو شامخ. أراد بن غفير أن يقدم صورة من “الانتصار النفسي”، لكنه في الحقيقة كشف عن حجم القهر الذي يتعرض له أسرانا، وعن حقارة هذا الاحتلال الفاشي الذي لا يلتزم بأبسط الأعراف الدولية.

ما رأيناه في ذلك الفيديو لم يكن ضعفا من مروان، بل إمعانا في القهر والإذلال من قوة احتلال غاشمة. البرغوثي ظل بطلا شامخا، وقائدا فتحاويا كبيرا، وملهما للأجيال. لقد حاول بن غفير أن يسرق صورته، لكنه لم يفلح، لأن الفلسطينيين يعرفون أن ما جرى ليس إلا جزءا من الحرب النفسية، ونحن أبناء فلسطين ورثة هذه المواجهة جيلا بعد جيل.

إن هذا الفيديو، بدلا من أن يضعف صورة مروان، يجب أن يكون جرس إنذار للمجتمع الدولي، ودافعا إضافيا للتحرك من أجل الإفراج عنه وعن آلاف الأسرى الفلسطينيين الذين يتعرضون للتنكيل وسوء المعاملة.

مروان سيبقى القائد، الأسير البطل، والمعلم الذي ألهم الفتية والشباب، فيما يبقى الاحتلال عنوانا للقهر واللا إنسانية.

Post Views419 Total Count

تصفح المواضيع

اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Ethical Dimensions in the Digital Age

The Internet is becoming the town square for the global village of tomorrow.

الأكثر قراءة

هاشتاغ

عن زيتون نيوز

زيتون نيوز موقع اعلامي صادر عن مركز رام للدراسات العربية. مختص بالشؤون العربية في كندا، بالاضافة الى الاهتمام بأهم القضايا في الوطن العربي. وهو موقع مهني تشرف عليه الصحفية تغريد سعادة التي تعمل في الصحافة لما يزيد عن عقدين من الزمان.
يقع المكتب الرئيسي في مدينة ادمنتون / ألبرتا. ويعمل على تقديم تغطية شاملة، لكافة الأحداث السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية للعرب في كندا. 

آخر الأخبار

  • All Posts
  • About Us
  • English News
  • أخبار
  • تحقيقات
  • ثقافة
  • شؤون الجالية
  • شؤون عربية
  • لقاءات
  • مقالات
  • منوعات
    •   Back
    • About us
    •   Back
    • Art and Cinema
    • Interviews

أقسام

 Zaytoun News © 2024

error: Content is protected !!