تغريد سعادة
بكل هذا الدمار الذي خلفته مجازر الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني في غزة، لا تزال آلاف الجثث تحت الأنقاض، لم تنتشل لتدفن بطريقة شرعية أو إنسانية. وبعد وقف إطلاق النار، يواصل الاحتلال الإسرائيلي منع دخول المعدات والأجهزة اللازمة لانتشال الجثث، تاركا العائلات تعيش مأساة مستمرة وكابوسا يوميا، وهي تنتظر معرفة مصير أحبائها ودفنهم بالطريقة اللائقة.
ورغم تسجيل أرقام ضخمة للقتلى والجرحى الفلسطينيين، يشير الواقع على الأرض إلى أن العدد الفعلي للضحايا تحت الركام أكبر بكثير، وأن جهود انتشالها تواجه عقبات كبرى. وفي هذا السياق، تصدرت المؤسسات الدولية المشهد بتحذيرات ومطالبات لوصول المعدات اللازمة لانقاذ القطاع المدمر من انتشار الامراض والاوبئة واحتراما لشعور العائلات التي تريد ان تطمأن على دفن موتاها.
فرق الإنقاذ المحلية في غزة تعمل في ظروف قاسية، فالأنقاض هائلة والمعدات ناقصة أو دمرت. وقد وثق مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أن هناك آلاف الجثث ما زالت موجودة تحت الركام، وأن استعادة بعضها قد تستغرق سنوات، بسبب نقص الجرافات والمعدات الثقيلة اللازمة لرفع الأنقاض.
ومنذ وقف إطلاق النار، تم الحديث عن استخراج نحو 440 جثة فقط. وتشير تقارير دولية إلى أن المخلفات العسكرية، بما فيها الذخائر غير المنفجرة، تضاف إلى معوقات الوصول إلى الضحايا.
من جهتها، أصدرت الأمم المتحدة بيانا بعنوان “10 000 شخص يخشى أنهم مدفونون تحت الأنقاض”، مؤكدة أن الوصول إليهم قد يستغرق سنوات إذا لم تتوفر المعدات اللازمة. وفي بيان آخر، حذرت من أن تدمير المعدات الثقيلة، بما في ذلك الجرافات وآليات رفع الأنقاض، جمد تقريبا جهود البحث، مما يعني أن آلاف الجثث قد تظل تحت الركام لفترة أطول. ومن خلال تقريرها حول إزالة الأنقاض، قالت الأمم المتحدة إن ما يصل إلى ستين مليون طن من الحطام يجب إزالته، وهو ما يشكل مهمة ضخمة تتطلب تنسيقا دوليا.
ومن جانبها، أشارت منظمة الإغاثة الإسلامية إلى أن الفلسطينيين في غزة يعانون من عدم القدرة على العثور على جثث أفراد عائلاتهم المدفونين تحت الأنقاض رغم وقف إطلاق النار. وقالت المنظمة ان المنازل والمدارس والمستشفيات مدمرة، وأحياء بأكملها محيت، والشوارع مليئة بحوالي 50 مليون طن من الحطام.
وطالبت المؤسسات الدولية بفتح ممرات آمنة ومستدامة لفرق البحث وإدخال المعدات الثقيلة إلى المناطق الأكثر تضررا، ووقف أي هجوم يعيق عمل فرق الإنقاذ أو يعرضها للخطر، بما يراعي الالتزام بالقانون الدولي الإنساني. كما دعت إلى تسجيل وتوثيق أسماء الضحايا والمفقودين بشكل مستقل وشفاف، لضمان حق العائلات في معرفة مصير أحبائها، وتعزيز الجهود الدولية لإزالة الحطام وتأمين المناطق من الذخائر غير المنفجرة لتسهيل العودة وإعادة الإعمار.
لكن كل هذه المطالب قوبلت بالرفض الإسرائيلي، لتستمر مأساة غزة حيث يعاني الأحياء والأموات على حد سواء بلا رحمة، في ظل احتلال جاثم على أرض فلسطين، متجاهلا الألم والمعاناة الإنسانية وحقوق سكان القطاع والامتثال للقوانين الدولية.
