سجل في القائمة البريدية

Edit Template

بانسكي في مدينة إدمونتون الكندية: بين الفن الأصلي والنسخ المطبوعة

تغريد سعادة

اقيم معرض جديد للفنان بانسكي في مدينة إدمونتون، عاصمة مقاطعة ألبرتا الكندية، والذي اشتهر بدعم فلسطين من خلال اعماله، وكان حريصا ان يترك بصماته علي الجدار الفاصل بين الضفة الغربية والقدس في رسمته الشهيره هناك.

تخيلت أنني سأقف أمام جداريات أصلية تحمل توقيعه. ومع ذلك، اكتشفت أن المعرض في مجمله يضم أعمالا مطبوعة ومعاد إنتاجها، وأن عدد الأعمال الأصلية لا يتجاوز نحو ستين قطعة من بين حوالي مئتي عمل عرضت.

وكان المعرض في جوهره عملا تجاريا يخص شركة اسبانية وليس الفنان نفسه. حاول القائمون على المعرض أن يوهموا الزوار بوجود روح بانسكي من خلال وضع لوحات على الجدران ولافتات تحمل توقيعه، إلا أن ترتيب المعرض وطريقة عرض الأعمال لم تعكس تميز أعماله وروحه الحقيقية.

وبانسكي هو اسم مستعار لفنان شارع بريطاني غامض، معروف منذ تسعينيات القرن الماضي، هويته الحقيقية غير مؤكدة وتظل موضوعا للتكهنات. اشتهر باستخدام الستنسل، وهي تقنية تبتكر قالبا أو لوحة شفافة (عادة مصنوعة من الورق أو البلاستيك) عليه التصميم الذي يريد رسمه، ثم يرش أو يدهن الطلاء فوق القالب على الجدار أو السطح.

وبانسكي مشهور باستخدام هذه التقنية لأنها تسمح له بوضع أعماله على جدران الشوارع بسرعة، مما يقلل من خطر اكتشافه أثناء عمله، كما تمنحه القدرة على تكرار رموزه ورسائله في أماكن متعددة بنفس الشكل والوضوح.

من أبرز أعماله “الفتاة والبالون” التي ظهرت على جدران لندن ومن ثم كطبعات، وقد أثارت جدلا عالميا عندما تم تمزيق نسخة مؤطرة منها جزئيا أثناء مزاد عام 2018، في عملية أطلق عليها لاحقا، حب في سلة المهملات “Love Is in the Bin”. هذه النسخة بيعت بمبلغ 1.04 مليون جنيه إسترليني (حوالي 1.4 مليون دولار أمريكي)، مما جعلها واحدة من أغلى أعمال بانسكي على الإطلاق. وقد أضاف التمزيق بعدا فنيا جديدا، حيث رأى البعض فيه تعبيرا عن نقد سوق الفن التجاري، فيما اعتبره آخرون حادثة مثيرة للجدل حول قيمة الفن الأصلي وأصالته، مؤكدة شهرة بانسكي وجرأته في تحدي التقاليد الفنية.

معرض إدمونتون، الذي وصل بعنوان فن بانسكي: بلا حدود “The Art of Banksy: Without Limits”، أُقيم في مركز مدينة ادمنتون Edmonton City Centre بين 17 أكتوبر 2025 و11 يناير 2026، والمعرض جزء من جولة دولية تنظمها جهات مستقلة وليس بانسكي نفسه، وهو يقدم تجربة متعددة الوسائط تشمل لوحات ومطبوعات وصورا ومنحوتات، إضافة إلى إعادة إنتاج جداريات كبيرة باستخدام تقنية الستنسل، وتركيبات فنية تفاعلية مثل غرفة اللانهاية Infinity Room، ونسخة محاكاة لمشروع ديزمالاند Dismaland، وغرفة لويز ميشيل، Louise Michel، وعرض هولوجرام لأول مرة عالميا في الجولة. كما أتاح المعرض للزوار المشاركة بأنفسهم في نشاطات تفاعلية مثل الرسم على تيشيرتات مستوحاة من أعمال بانسكي.

من أبرز ما يلفت الانتباه في المعرض هو وجود زاوية خاصة تركز على فلسطين. لقد خصص المنظمون مساحة لعرض أعمال بانسكي التي تناولت القضية الفلسطينية وموضوعات الاحتلال والعدالة الاجتماعية، وهو جانب مهم من أعماله السياسية . هذه الزاوية أعطت الزوار فرصة للتأمل في البعد الإنساني والسياسي للفنان، وأظهرت كيف يستخدم بانسكي فن الشارع كأداة للفت الانتباه إلى قضايا عالمية ملحة.

على الرغم من أن المعرض قدم فرصة للتعرف على فن بانسكي، خصوصا لمن لم ير أعماله من قبل، فإن دخوله في إطار تجاري يبعده عن روح فن الشارع المجاني التي ميز الفنان طوال مسيرته. بعض الزوار شعروا بالإعجاب بالمحتوى التعليمي والتفاعلي، بينما شعر آخرون بخيبة أمل بسبب كثرة الأعمال المطبوعة والمعاد إنتاجها، معتبرين أن العرض يركز على جانب المقتنيات التجارية أكثر من كونه تجربة فنية أصيلة. ورغم كل ذلك، كان للمشاهدة والتجربة بحد ذاتها قيمة، إذ أعطت فرصة لمشاهدة أعمال بانسكي وتجربة تأثيرها، بما في ذلك الأعمال التي تحمل رسائل فلسطينية مهمة، حتى وإن كانت محاطة بظلال تجارية تحد من الروح الحقيقية للفنان.

Post Views36 Total Count

تصفح المواضيع

اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Ethical Dimensions in the Digital Age

The Internet is becoming the town square for the global village of tomorrow.

الأكثر قراءة

  • All Posts
  • About Us
  • English News
  • أخبار
  • تحقيقات
  • ثقافة
  • شؤون الجالية
  • شؤون عربية
  • لقاءات
  • مقالات
  • منوعات
    •   Back
    • About us
    •   Back
    • Art and Cinema
    • Interviews

هاشتاغ

عن زيتون نيوز

زيتون نيوز موقع اعلامي صادر عن مركز رام للدراسات العربية. مختص بالشؤون العربية في كندا، بالاضافة الى الاهتمام بأهم القضايا في الوطن العربي. وهو موقع مهني تشرف عليه الصحفية تغريد سعادة التي تعمل في الصحافة لما يزيد عن عقدين من الزمان.
يقع المكتب الرئيسي في مدينة ادمنتون / ألبرتا. ويعمل على تقديم تغطية شاملة، لكافة الأحداث السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية للعرب في كندا. 

آخر الأخبار

  • All Posts
  • About Us
  • English News
  • أخبار
  • تحقيقات
  • ثقافة
  • شؤون الجالية
  • شؤون عربية
  • لقاءات
  • مقالات
  • منوعات
    •   Back
    • About us
    •   Back
    • Art and Cinema
    • Interviews

أقسام

 Zaytoun News © 2024

error: Content is protected !!