تغريد سعادة
قدم لقاء خالد مشعل رئيس حركة حماس مع قناة الجزيرة الصورة المتناقضة والشائكة والحقيقية عن حركة حماس، حاول من خلالها الإيحاء بوجود قيادة متجددة قادرة على إدارة قطاع غزة، وفي الوقت نفسه تبرير واقع الانفصال القسري عن الضفة الغربية والقدس بذريعة منع الاحتلال. هذا الطرح يأتي رغم أن معظم الدول العربية والإسلامية والأوروبية الداعمة للحق الفلسطيني طالبت صراحة بتنحي حماس عن حكم القطاع، باعتبار استمرارها عائقا أمام أي مسار سياسي أو إنساني بما فيهم خطة ترامب نفسه والتي وقعت عليه الحركة.
في المقابلة، سعى مشعل إلى إعادة تعريف موقع حماس الإقليمي، نافيا انتماءها إلى ما يسمى “محور المقاومة”، واصفا هذا التصنيف بأنه توصيف يطلقه البعض عليها، بمعنى ان لا دخل لها بهذا التوصيف وان يحترم كل من ساعد وضحى من اجل القضية. كما ادعى أن الحركة منفتحة على جميع الدول العربية والإسلامية، وأنها تحظى بدعم متزايد في أوساط الشباب الغربي، وذهب إلى حد القول إن 51% من الشباب الأميركي بين 18 و 21 عاما يدعمون حماس، رغم تصنيفها كحركة إرهابية في الولايات المتحدة وأوروبا. ورغم التصريحات الواضحة من هذه الدول وحتي شعبيا، والتي تعلن صراحة رفضها بما قامت به حماس في السابع من اكتوبر.
المفارقة الأبرز في الخطاب أن مشعل يساوي بين دعم القضية الفلسطينية ودعم حماس، متجاهلا أن هذا الربط هو أحد أسباب عزل القضية دوليا في مراحل عديدة. كما يرفض تسليم السلاح، ويطرح هدنة طويلة الأمد (11 سنة)، ويفهم من كلامه هو استمرار الحركة في ادارة القطاع من باب حماية الهدنة!!!!!.
الأكثر إثارة للاستغراب حديثه عن الحراك السعودي والفرنسي باعتباره مكسبا سياسيا، رغم أن المسار يتحرك خارج إطار حماس، بل ويتعارضان مع استمرار سيطرتها على غزة ويقر بوجود دولة في الضفة والقطاع والقدس وعلى اراضي الـ 67. اي ان طموح حماس بانفصال غزة عن الضفة سيعرقل المبادرة . كذلك، فإن الادعاء بأن “الأمة استعادت روحها” بعد الحرب يتجاهل حقيقة أن التاريخ الفلسطيني حافل بالنضال قبل حماس وبعدها، وأن ما دفعته غزة من ثمن إنساني هائل، من شهداء ودمار وتجويع، لم يصلنا الا الى حالة الدمار والانكسار والجوع، ولا يمكن تبريره بخطاب تعبوي او حتى تجاوز نتائج ما حدث.
لا شك أن المجازر الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني هز صورة الاحتلال أخلاقيا وسياسيا، لكن هذه المكاسب المعنوية لا تلغي حقيقة أن غزة دخلت نفق مظلم، وأن الحرب وإن خفت حدتها العسكرية لم تخفف آثارها الإنسانية والسياسية. كما أن الضغط الدولي لم يصل بعد إلى مستوى فرض حل عادل أو وقف دائم للقتل الاسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني. انه لا يستطيع فرض دخول طعام للقطاع المنكوب.
وحول وحدة الساحة الفلسطينية، أقر مشعل بتعثر تشكيل حكومة تمثل الفلسطينيين بسبب الفيتو الإسرائيلي، مقترحا إدارة تكنوقراطية للقطاع، مع بقاء “أداة أمنية”، وهو طرح يثير تساؤلات حول طبيعة السلطة الفعلية ومن يتحمل المسؤولية السياسية أمام الشعب. الواضح انها بعيدة عن قيادة رام الله بسبب رفض الاحتلال كما يقول.
وبينما يتحدث مشعل عن تعافي حركة حماس وإعادة بنائها ويعلن صراحة طموحاتها، تستمر فيه معاناة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة. والثابت ان وجود حماس سيمنع تعافي القطاع واعادة البناء وحتى دخول المساعدات اليه.
58 Total Count
