تغريد سعادة
اليوم، يحيي مخيم بلاطة الذكرى الثالثة والعشرين لاستشهاد القائد الميداني في حركة فتح ياسر البدوي، رفيق البندقية، ورفيق قائد كتائب الاقصى والاسير في سجون الاحتلال ومحكوم 14 مؤبد و 50 عاما، عضو اللجنة المركزية لفتح ناصر عويس.
بالنسبة لي، كان اللقاء بالبدوي دائما تجربة استثنائية؛ خلال زيارتي للمخيم كنت التقيه عند المدخل، حيث يجلس على كرسيه ويحمل بارودته التي رافقته ويحضنها كأنه يحضن فلسطين، ويشعل أمامه ناره، ويحرس المخيم. منزل أهله لم يكن بعيدا عن مدخل المخيم، وفي بيتهم كنا نتبادل أطراف الحديث، بينما هو كان يحرس المكان.
التقيته أول مرة مع رفيقه المقرب ناصر عويس، الذي أصبح لاحقا قائد كتائب شهداء الأقصى في المخيم وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح. حدثاني عن قصتهما مع الإبعاد إلى الأردن في التسعينيات من القرن الماضي، بعد حصار دام أربعة أيام لجامعة النجاح الوطنية، وهو فصل لم ينساه أي منهما، وشكل مرحلة صقل شخصيتهما الثورية. وحدثاني عن تاريخهما البطولي منذ ان كانا فتيان يافعة. اجريت معها لقاءا صحفيا لصحيفة يومية. غلب على الحوار المرح، فالمناضلين امثالهم هم اصحاب نكتة. شبان ثائرة يحبون الحياة، وايضا يحبون فلسطين.
وبسبب دورهما في الانتفاضة الثانية، كانا على رأس قائمة أبرز المطلوبين لدى أجهزة المخابرات الاسرائيلية.
انضم البدوي إلى فتح عام 1985، ودرس في جامعة النجاح الوطنية حيث حصل على شهادة الثانوية العامة أثناء فترة إبعاده إلى بغداد. وخلال انتفاضة الأقصى، أسس مع مجموعة من الناشطين كتائب شهداء الأقصى في مخيم بلاطة، وشاركوا في عدة اشتباكات مسلحة داخل المخيم وخارجه، كان أبرزها معركة قبر يوسف. في 16 أغسطس 2001، أصيب البدوي بجروح خطيرة نتيجة انفجار لغم، واستشهد متأثرا بجراحه في 20 أغسطس 2001، تاركا فراغا كبيرا في قلب المخيم والمقاومة الفلسطينية. وبصمة في قلب من عرفه عن قرب.
أما ناصر عويس، فهو رفيقه القديم وصديقه المقرب، اعتقل بتاريخ 13 أبريل 2002، وحكم عليه بالسجن المؤبد 14 مرة، إضافة إلى 50 عاما وستة أشهر، بتهمة قيادة وتأسيس كتائب شهداء الأقصى والمشاركة في العمليات العسكرية. أثناء محاكمته رفض الاعتراف بشرعية المحكمة، فزادوا عليه ستة أشهر إضافية، وهو اليوم أحد أبرز قادة الحركة الأسيرة في سجون الاحتلال.
ان تعرف ابطالا عن قرب تجربة خاصة، تترك اثرا كبيرا في الروح والعقل والقلب. تحبهم كانهم من افراد اسرتك. ويعلماك دروس الحياة ودروس عن فلسطين. الشهيد البدوي والاسير عويس، رمزا للمقاومة والنضال الحقيقي. كل ذكرى لاستشهاد ياسر البدوي تعيدنا إلى أيام شجاعته وقصص نضالاته، وصموده في بلاطة، وتذكرنا بأن شهدائنا هم نبض فلسطين وهم التاريخ الخالد، وان اسرانا عنوان الصمود والبطولة والثبات.
78 Total Count
