تغريد سعادة
منذ السابع من أكتوبر 2023، تعيش غزة حربا مأساوية خلفت عشرات الآلاف من الشهداء ومئات الآلاف من الجرحى الفلسطينيين، وسط أزمة إنسانية غير مسبوقة. الأطفال والنساء والمرضى هم الأكثر تضررا، بينما حركة حماس تتحرك بعيدا عن حماية المدنيين.
ورغم أن حكم حماس في غزة في حكم المنتهي، بعد ان تركت الشعب بلا حماية، ولم توفر له ادنى اساسيات المساعدات، بعد حكم للقطاع استمر تحو 18 عاما، وقياداتها اغتيلت من قبل الاحتلال، وتختبئ بقية عناصر الحركة في شبكة أنفاق تحت الأرض. ولا تخرج الا لتنفذ عملية هنا او هناك، وليست مواجهة شاملة، بل محاولات استنزاف جزئية تسوق على أنها صمود أو مقاومة، بينما الشعب يدفع الثمن الأكبر.
لقاء القيادي في حماس غازي حمد مع شبكة «سي إن إن»، أظهرت نفي المسؤولية عن القصف والدمار الذي يعيشه القطاع منذ السابع من اكتوبر، وزعم حمد أن الحركة “تقاتل من أجل شعبها” وأن الثمن غال ولكن “لا خيار أمامها”. هذا الخطاب يعزز من موقفها المتشدد ويصعب التوصل إلى أي اتفاق مع إسرائيل، ويضمن بقاءها كورقة سياسية، بينما المدنيون هم الضحايا الرئيسيون.
في الأشهر الأخيرة، عبر الكثير من الفلسطينيين في غزة عن غضبهم من حماس، متهمينها بـ”رفض إنهاء الحرب وترك الناس يعانون دون طعام وماء”. وخلال مقابلة مع CNN، عرضت المحطة على غازي حمد لقطات لمتظاهرين يطالبون الحركة بالتخلي عن السلطة. رفض حمد مشاهدة اللقطات لأكثر من بضع ثوان، ودفع بجهاز iPad بعيدا، وألقى باللوم في استياء الناس على الهجوم الإسرائيلي، قائلا: “أعلم… لقد رأيت.. أعرف أن الناس يعانون”. هذه الوقائع تؤكد وجود استياء شعبي حقيقي داخل غزة، وتظهر ازدواجية خطاب حماس الذي يحافظ على بقاءها السياسي والرمزي على حساب المدنيين.
وهذا ما فعلته اسرائيل ايضا خلال مدة حكم حماس للقطاع، إسرائيل غذت الانقسام وسمحت لحماس بمرور أموال قطرية عبر المعابر لها كسلطة تحكم، بينما ظل الحصار على سكان غزة، مستمرة في سياسة الضغط على المدنيين وتقوية حضور حماس السياسي، رغم ضعفها، تاركة الشعب الفلسطيني يدفع الثمن.
ورغم ادعاء نتنياهو أن الحرب تهدف إلى إطلاق الأسرى الإسرائيليين والقضاء على قدرات حماس، فإن الغالبية العظمى من هذه الأهداف تستخدم كورقة سياسية ايضا لقطع الطريق على السلطة الفلسطينية ومنعها من التوحيد مع غزة والمضي نحو إقامة دولة فلسطينية.
والنتيجة واضحة حيث ان الشعب الفلسطيني يتحمل العبء الأكبر لهذه الحسابات السياسية المعقدة. وما يحدث في غزة حرب تدار بلا رقيب ولا حسيب، بين احتلال متفوق، وحركة ضعيفة داخليا يستخدمها الاحتلال للبطش بالفلسطينيين وتقبل ذلك للبقاء، وسياسات دولية لا تحمي المدنيين. تصريحات حمد ونفيه المسؤولية عن القصف والدمار تظهر ازدواجية مأساوية الحركة تحافظ على وجودها السياسي والرمزي، بينما الفلسطينيون العزل- المدنيين- يدفنون تحت ركام الحرب.
52 Total Count
